رسالة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للمشاركين في إحياء اليوم الوطني للإمام 15 سبتمبر 2022 بولاية بسكرة، قرأها بالنيابة عنه وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور يوسف بلمهدي

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أيتها السيدات الفضليات... أيها السادة الأفاضل ، الجمع الكريم...
إنه ليوم مبارك تجتمعون فيه، لإحياء اليوم الوطني للإمام، الذي اعتمدناه تكريما لمقام الإمام ومكانته، وعرفانا من الدولة بقيمة الإمام في منظومتها الاجتماعية، وتاريخها المشرق، فالإمام هو الذي اؤتمن على تدين الناس وسلوكهم، وهو الذي حمى مع المخلصين من أبنائها، قيم الأمة من محاولات المسخ والتشويه، ووقف بالأمس مع كل أبناء المجتمع، مجاهدا يذود عن حياضها، ويقف اليوم مدافعا عن الوسطية والاعتدال، متصديا لكل فكر دخيل، يشوه صورتها الناصعة، وهو في هذا وذاك يصطف مع أبناء أمته، ليساهم في بناء الوطن ونمائه.
إن ترسيم يوم للإمام هو عنوان لمعاني العرفان والأصالة والوفاء، واقترانه بوفاة أحد أئمة الجزائر الأعلام، الذين تستلهم من حياتهم الحافلة العامرة العبر و تؤخذ منه الأسوة والعضات، الشيخ سيي محمد بلكبير رحمه الله تعالى ، هو عنوان اعتراف بالفضل لأهله، فلقد كان الشيخ سيدي محمد بلكبير رحمه الله امتدادا للسلسلة السند العلمي الشريف، الذي تطرز بأمثاله ساداتنا الأمير عبد القادر، وأحمد التيجاني، وسيدي أبي مدين الغوث والإمام المغيلي والإمام عبد الرحمن الأخضري والإمام عبد الرحمن الثعالبي والإمام ابن باديس ، والإمام أطفيش، والإمام المقري، وغيرهم من الأئمة الأعلام الذين تزخر بهم صفحات التاريخ العلمي والثقافي في الجزائر، وفي كثير من البلاد الإسلامية التي امتدت إليها أفضالهم العلمية .
أيها الحضور الكريم ...
إن التقدير الذي يحظى به هؤلاء الأئمة الأعلام، ومن ورث علمهم الشريف  في مختلف ربوع الوطن، هو تأكيد لتمسك الشعب الجزائري الأبي بمرجعيته الدينية الوطنية، وتعلقه بخدمة من يخدم المساجد والمدارس القرآنية ومن يخدم الزوايا والكتاتيب وحواضر العلم، انطلاقا من بيوت الله سبحانه وتعالى التي أخذت على عاتقها الوفاء الكامل لعهد الفاتحين، وتعيش ذكراهم كلما سنحت فرصة أو مناسبة، وما الوقوف اليوم في هذه الرحاب الطاهرة التي تحتضن ضريح الصحابي الجليل سيدنا عقبة بن نافع الفهري رضي تعالى الله عنه، إلا دليل وفاء ينبئ أن النسب العلمي والروحي به لم ينقطع، وأن هذه الأرض المباركة كما احتضنت جثمانه الطاهر رضي الله عنه، ستظل وفية لرسالة ديننا الإسلامي الحنيف، الذي اختلجت بنوره صدور آبائنا وأجدادنا فآمنوا به، بل أشربت قلوبهم حبه، كيف لا ؟ وقد أخمد عنه عنهم الأحقاد والعصبيات، وأذهب عنهم داء الفرقة والشتات، وجمعهم على كلمة الخير والصلاح، ثم إن هؤلاء الكبار لم يضِنوا به على الناس ولم يبخلوا، فحملوا رايته بعد ذلك عن يقين راسخ، يبغون به الهداية للعالمين، فاسألوا تاريخنا المجيد يحدثكم عن القائد الكبير طارق بن زياد، كيف سرى، وعن العالم المصلح النحرير عبد الكريم المغيلي كيف دجا وأمثالهم كثير.
أيها الجمع المبارك الكريم
لقد شاءت حكمة الله تعالى أن تنزل بوطننا في هذا العام أحداث وملمات، ولكن إيماننا العميق بالله وصدقنا في التوجه إليه سبحانه، مكننا بحمد الله من تجاوز تلك المحن والابتلاءات، حيث تسلح المجتمع كله بروح التضامن والإخاء فأسهم تكافلنا الراقي في تجاوز أوقات صعاب، وزاد الأمة بحمد الله  تلاحما وتراحما، ولم تثن تلك الظروف العصيبة بلدنا عن إحياء الذكرى الستين لاسترجاع سيادته الوطنية، وهي فرصة سانحة لتذكير المجتمع قاطبة والشباب منهم خاصة بتضحيات الآباء والأجداد وبطولات الشهداء والمجاهدين، وكان ذلك الاستعراض الكبير الذي شهدته الجزائر في الخامس من جويلية الفارط صورة لروعة الجلال الذي يسكن هذا الوطن، وفقد تابع الجزائريون ما وصل إليه جيشنا الوطني الشعبي سليل جيش التحرير في تلك الصورة القوية التي تشهد أن الجزائر المسالمة الداعمة للسلم والحوار في كل مكان، الواقفة مع القضايا العادلة في العالم أجمع، تملك أيضا من قوة الدفاع والردع ما يحفظ أمنها واستقرارها.
أيها الحضور الكريم ...
إن الجزائر الجديدة التي استكملت بناء مؤسساتها، لا تزال في حاجة إلى جميع أبنائها كل من موقعه من أجل مواجهة التحديات الوطنية والدولية الحاضرة والمستقبلية، وهو ما يدعونا إلى ضرورة بذل مزيد من الجهد والعمل لتنشئة بناتنا وأبنائنا على قيم الخير والنفع والتفاني في خدمة هذا الوطن والتسلح بالعلم والمعرفة والأخذ بأسباب الرقي والتطور، ونحن على يقين أن أسرة المساجد ستساهم بقوة بما توفره الدولة لها من إمكانات ورعاية وعناية، للنهوض بمستوى أداء أفراد الأمة، وفاء لعهد الشهداء الأبرار والمجاهدين الأبطال .
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
تحيا الجزائر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                                                                                                                                                                                                                                                                       بسكرة في 15 سبتمبر 2022