وَسَائِلُ الإِعلامِ و الإِتِّصَال وَكَيفَ يَستَفِيدُ مِنها الإِمَام

  الحمدُ لله الذي جَعَلَ الحَمدَ خاتِمَة َالنـِّعمَةِ وفاتِحَة َالمَزيد،القائل ِفي كتابهِ الحكيم:{وإذ ْتـَأذ َّنَ رَبـُّكـُم لـَئِن شـَكـَرْتـُمْ لأ َزِيدَنـَّكـُم وَلـَئِن كـَفـَرْتـُمُوإِنَّ عَذابي لـَشَدِيدٌ}(سورة إبراهيم الآية7)، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدنا مُحمدٍ ،صاحبِ الأمرِالرَّشيدِ ،والفَضْل ِالمَديد،صلاةً يكتـُبُها في الدُّنيا رقيبٌ عـَتـِيد،ويَقرَأ ُها بالسعْد قائِلـُها يَومَ الوَعِيد، فـَيـُجْزَى بها الحـُسنى وخَيرَ مَزيد .

إخواني الأفاضل ،أحيـِّيكُم بتحيـَّةِ الإسلام ،السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،في مُحاضرتي هذه المَوسُومة ب :وسائل ُالإعلام والإتـِّصال وكيفَ يستفيدُ منها الإمام ،أحاولُ أن أتـَقـَصَّى بعضَ حَقائـِق ِالعلاقةِ بينَ الإمام ووسائل ِالإتـِّصال على اَختلافِها ،وعلى عِلا َّتِها ومَحاسِنِها، بما يـُفتـَرَضُ أن يُحقـِّقَ التـَّواصُلَ بينهُما خِدمَة ًللدِّين ،واَتـِّباعاً للسُّنن ِالحديثةِ في التـَّبليغ، الذي أوصى به الرَّسول صلى الله عليه وسلم بقوله "بـَلـِّغُواْ عَنِّي ولو آية" .

في هذهِ الجَولةِ عبرَ فوائِدِ وسائل ِالإعلام والإتصال ،سأبدأ ُبتعريفِ الإعلام في اللغة والإصطلاح ،ثم نـَقـْل ِبعض ِمَظاهِرهِ من القرآن وسيرةِ الرَّسول الكريم ،ثم تـبيان أهمِّ صُور الإعلام الإسلاميِّ ،وكيف أنَّ الإمامَ في حَدِّ ذاتِهِ يـُعـَدُّ من أهَمِّ أقطابـِها المُؤثـِّرةِ ،ممَّا يَدلُّ على أنَّ الإسلامَ بـِتـَشْر يع ِالخُطبة للإمام يومَ الجُمُعةِ مثلاً ،يُقِرُّ التعامل في التـَّخاطـُبِ مع الآخرين بوسائل الإتصال الأنجَع ِفي عصرهم،لتحقيق الإقـتـناع المَرغُوب ،وبما أنَّ الخُطبةَ لها مكانتـُها السَّامية ُعندَ العَرَبِ الأوائِلِ،فكذلك وسائلُ الإتـِّصال ِالمعرُوفة ُاليومَ تـَفرِضُ علينا التعامُلَ معها بوصْفِها ثابتاً موجوداً ،يُرافِقـُنا في شتـَّى مَناحي الحياة المُختلفة،وبعد ذلك أعَرِّجُ على تنوُّع هذهِ الوسائل ِ،وبعض ِالحقائق ِالخفيـَّةِ عن كثيرينَ حولها ،ممَّا يجعَلُ تأثيرَها سلبياً على معلوماتهمُ الدينية وسلوكاتِهم وأخلاقـِهِم ،وفي الختام نخلـُصُ إلى بعض الإحصاءاتِ المسجـَّلةِ في مجال تواصُل الناس مع المعلوماتية والتـقـنـيةِ الحديثةِ ،لنـُدلـِّلَ بذلك على أهميـَّة اِستغلالِها في توسِعَةِ دائرةِ الخطاب ِالدينيِّ عندنا بلـُغَةِ العصرالذي نعيشه .

إخواني،أرجوأن يكونَ في ما سألقي بين أيديكم إضافة ًلمعرفتكمُ المُسبقة بهذا الموضوع ،وتذكيراً ناجعا ًلنا جميعاً لنأخُذ َأدوارنا ،كلٌّ حَسبَ اَختِصاصهِ ومَجالِهِ العمليِّ في خِدمة الإسلام والمسلمين .

 

الإعلامُ لُغَةًً ً:جاء في معجم مقاييس اللغة لإبن فارس :العين و اللام و الميم أصل صحيح واحد ،يدل على أَثَرٍ بالشيء يَتَـَمَيَّزُبه عن غيره، من ذلك العلامة ،وهي معروفة ،و العَلـَمُ : الرَّاية ،و الجـَبَل ،والعِلـْمُ :نقيضُ الجَهل ،والعُلامُ :الحِنـَّاء،وذلك أنـَّه إذا خُضِّبَ بها فذلك كالعلامة.(1)

وجاء الإعلام بمعنى الإعلان ،في معاجم العربية ،كأساس البلاغة للزمخشري و الصِّحاح للجوهري:العين و اللام و النون أصل صحيح يدل على إظهار الشيء و الإشارة إليه وظـُهُورُهُ ،يقال عَلَنَ الأمرَ ، وأَعْـلَـنـْتـُهُ أنا،والعِلاَنُ :المُعَالَـنـَة ُ،وأمْرُهُ عالِنٌ :ظاهرٌ،ورجُلٌ عُلَنَة ٌ:يبوحُ بِسِرِّهِ.

يلاحظ من التعريفات اللغوية ما يأتي:

01- لافرق بين الإعلام والإعلان ،فالغرضُ من كِلـَيهـِما توضيحُ أ َمرٍ ما وتـَجْـلِـيَـتُـهُ للمُريدِ،وإذاكان العِلـْمُ نقيضَ الجَهْل ِ ،فإنَّ الإعلامَ نقيضُ الإِسْرارِ ،ويأتي بمعنى الإظـْهارِ للأخبارِ.

02-  إذاأردنا أن نـُشيرَ إلى الإرتباط ِ الحاصِلِ بينَ العِلـْم ِو الإعلانِ،فإنـَّنا نرى أنَّهما يلتقيانِ من حيثُ الهدف،فلا إسْرارَ على العامَّة،كما أنَّ كـُل َّ واحدٍ منهما يدعو صاحـِبَهُ إلى الـتـَّثـَبُّـتِ و التـَّحَرِّي و الـتـَّدقيـق حتى لايَدخـُلَ دائرةَ الجَهلِ ،وإنْ كان أعلـَمَ النـَّاس .

03- أهلُ الإعلام على درجاتٍ ،توضِّحُها التـَّوزيعاتُ حسب صيغ المـُبالغة،فكلما كانت درجة المعرفة عند الإعلامي بمستوىً أرقى ،بَرَعَ في الصِّياغةِ و التـَّمحيصِ في إطار الحقيقة.

   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- معجم مقاييس اللغة لإبن فارس ، ص 68

 

الإعلامُ اصطِلاحاً:يُعَرِّفُ عبد اللطيف حمزة الإعلامَ في كتابه: الإعلام له تاريخه ومذاهبه بقوله: "تزويدُ الناس ِبالأخبارِ الصَّحيحَةِ والمعلومات السَّليمةِ و الحقائق ِالثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي ٍصائبٍ في واقعةٍ منَ الوقائع ِأو مشكلةٍ من المشكلاتِ، بحيث يُعَبِّرُ هذا الرأيُ تعبيراً موضوعياً عن عـَقـْلِـيَـةِ الجَمَاهيرِ و اتـِّجاهاتِهـِم ومُيُولِهِم".

ويُعَرِّفُهُ محمد سيد محمد في  كتابه:المسؤولية الإعلامية في الإسلام بقوله:" إنَّهُ العـِلـْمُ الذي يَدْرُسُ إتـِّصالَ النَّاس إتِّصالاً واسعاً بأبناءِ جنسِهِم ، إتـِّصَال َ وعي ٍ و إدراكٍ ، وما يـَتـَرَتـَّبُ على عمليةِ الإتـِّصالِ هذهِ من أَثـَر ٍوَرَدِّ فـِعْـلٍ ،وما يَرتـَبـِط ُ بهذا الإتـِّصال ِ من ظروفٍ زمانية ٍومكانيةٍ" .(1)

أركان الإتصال:

1-  المرسل :وهو إمـَّا أن يـَكـُونَ مـُتـَكَـلـِّـماً أو كاتِباً أو مستخدماً لغة َ الإشارَةِ .

2-  الرسالة:وهي مادة ُالإرسال ِ( الإتـِّصال)وتكونُ إمَّا مَنطـُوقَة ًوإمَّا مكـتـُوبَة ًو إمَّا مَلـْمُوحَة بالإشارة .

3-  المستقبـِلُ : وهو المُرسـَلُ إليهِ أو المُتـَلـَقِّي،ويكونُ إمَّا مُستـَمِعاً وإمَّا قارئاً وإمَّا مُبْصِراً رموز الإشارة .

4-  الوسيلة :هي العنصر الذي يحمل الرسالة َالإعلامــيّـَة ،َسـواءٌ أكانت سمعية ًأو بصرية ًأو وسيلة ًمقروءة ً.

5-  التأثير:هو الهدف النـِّهائيُّ من الرِّسالةِ الإعلاميَّةِ ،لأنَّ الرِّسالة َالتي لاتـُحدِثُ تأثيراً سوف تـعـمـلُ في فراغ ٍ،وقد يرجِعُ ذلك إلى قصور ٍفي الرِّســالـةِ نـفـسـِهـا أو في المُرسِل ِ، أو في عدمِ انتقاءِ الوسيلةِ المُناسِبَةِ لتوصيل ِهذه الرِّسالةِ.(2)

  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الإعلام له تاريخه ومذاهبه ،عبد اللطيف حمزة ،ص75

(2) الإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية – د محي الدين عبد الحليم ،ص 28

 

بعضُ مَظاهِرِ الإعلام ِعندَ العَرَبِ : ثـَمَّة َمجموعة ُمظاهرَ ووسائلَ مَيـَّزَتِ العمليـَّة الإتـِّصاليـَّة/الإعلاميـَّة عند العرب ،فكانت حاملة ًللرَّسائل التي ضُمِّنَت فيها ،ونذكر منها على سبيل المثال:

الخُطبَة:الخُطبة ُتعتبر من أقدمِ وسائل ِالإعلامِ في المجتمعات الإنسانية ، وقد كانت     وسيلة َ الإعلام ِو الإقـناع ِالممتازةِ في عصور البداوة الأولى ،وفي هذه البيئات ِتـَظهَرُ الموهبَة ُاللسَانيـَّة ُ.(1) وفي التاريخ العربيِّ و الإسلاميِّ صُورٌ نـَيـِّرَةٌ لأشْهرِ الخُطَبِ التي تـَمَيـَّزت بالرَّصانَةِ في الأسلوب ،والدِّقَّة في تناول المواضيع ،من خلال مراعاةِ مُقـَوِّماتِ الخُطبةِ النـَّاجِحَةِ التي تـُحـَقـِّقُ التـَّواصُلَ إعلامياً مع مـُتـَلـقـِّيها.

الرَّسائلُ و البُعُوث:من وسائل الإتـِّصال الرَّسائلُ والكـُتـُب،وهي تؤدِّي دوراً تـَواصُلياً حتى في عصرنا الحالي حيث لاتخلو إدارةٌ من مُراسَلاتٍ بينَها وبينَ مَثِيلاتِها لتنسيق العمل وقضاءِ المَصالح ِالمُختلفةِ،وفي تاريخِ الإسلام ِنماذجُ لها ،كـَكـِتابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر و هرقل ،إضافة إلى البُعُوث ِأو السَّفاراتِ ، وفي الصحابة الأجِلاءِ مصعب بن عمير ومعاذ بن جبل وحاطب بن أبي بـَلـْتـَعَة َخيرُ مثالٍ لها .

الشِّعر: ديوانُ العرب وحافظـُ أيّامِها وتاريخِها ،ولأجلِهِ عُقِدَت المجالسُ واَختـَصَّت به الأسواقُ كعكاظ وغيره من نوادي العرب التي كان الشُّعراءُ يتواصلونَ فيها مع المتلقينَ ،ثم استـَثمـَرَ الإسلامُ هذا الفنَّ في الدَّعوةِ إلى الله ومُقارَعَةِ خُصُومِهِ ،واشتـَهَرَ الصَّحابيُّ حسَّانُ بن ثابتٍ بـِقـَدَمِهِ الرَّاسِخَةِ في هذا المجال .

الأسواق :اشتهرت أسواقٌ عديدةٌ في تاريخِ العرب ، لعلَّ أشهَرَها سوقُ عكاظٍ ،فقد كانت تـُمَثـِّلُ وسيلة ًإعلاميَّة ً هي الأخرى،من خلال  اللـِّقاءاتِ التي كانت تـُدارُ فيها ،و القصائدِ الشِّعريَّةِ التي كانت تـُسَوَّقُ فيها ،ممَّا جعلها بـِحـَقٍّ فضاءً ترويجيـًّا لمـَفاخِرِ الأقوامِ و أيَّامِهِم.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المرجع السابق،ص 57

 

الإعلامُ من خِلال القُرآن الكَريم: يَظهـَرُ لنا من خِلال ِما يـَتـَّضِحُ من صَريح ِالقـُرآن العظيم، أنَّ الهـَدَف َالعامَّ من الإعلامِ في الإسلام ِ، إيصالُ العـَقـِيدَة ِالشـَّامِلـَة ِللبـَشـَريـَّةِ جمعاءَ،ويأتي هذا مِصداقاً لقوله جل في علاه:(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني  ). (1)

كما نـَقرأفي القرآن الكريم قوله تعالى :{ ياأيُّها النَّبيُّ إنـَّا أرْسَلـْنـَاكَ شاهـِداً ومُبَشـِّراً ونَذِيراً وَداعِياً إِلى اللهِ بِإذنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً} (2) وهذا الوصفُ والتـَّكليفُ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باعتبارهِ القدوة َالأولى والقائِدَ المُقـَدَّمَ ،هو كـُلـُهُ في النـِّهايةِ دعوة ٌإلى تبليغِ دين الله ،غيرُ مرتبطةٍ بـِقـُطـْرٍ دون آخر،ولا بزمانٍ دونَ سواهُ، بل هي عالميـَّة ُالإنتشار، مُواكـِبَة للأزمان ، الأمرُ الذي يُوجـِبُ على كـُلِّ مسلمٍ ألاَّ يـَنـْغَـلِـقَ على الذات،وأن يَجْتـَهـِدَ في تبليغ الآخرتعاليم الدين وأخلاقـَه،سواء ٌبالسُّلوكاتِ والمُعاملاتِ أوبالتعريفِ بها بشتـَّى الوسائل ِ،فإذا كان رِبَاطـُنا مع المسلم إخاءً وديناً،فـَرِباطـُنا مع غيرِه دعوة ٌوتبليغٌ،وهما من أركان العمليـَّةِ الإعلاميَّةِ .

عناصرُ العَمَليَّةِ الإعلاميَّةِ في القُرآن الكَريم: كأيِّ وسيلةٍ إعلاميـَّةٍ ،فإنَّ القرآنَ العظيمَ يَتضَمَّنُ عناصرَ العمليَّةِ الإتـِّصاليـَّةِ بينَ المُخاطـِبِ و المُخَاطـَبينَ وهي :

1 المصدر الإعلامي:هو الله الخالق مُدَبِّرُ الأمرِ مُفـَصِّلُ الآياتِ.

2الناقل الوسيط :جبريلُ من الملائكة،قال الله تعالى:{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قـَلـْبـِكَ لـِتـَكـُونَ مِنَ المُنذِرينَ}.(03)

3الرسول المكلف :هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ،قال تعالى :{يا أيُّها الرَّسُولُ بَلـِّغْ ما أنزِلَ إِلـَيكَ مِن رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تـَفْعَلْ فـَمَا بَلـَّغـْتَ رسالاته }.(4)

4المرجع الوسيط : اللوح المحفوظ الذي أ ُثـْـبـِتَ فيه القرآن، قال جل وعلى :{بَلْ هُوَ قـُرآنٌ مَجِيدٌ فِي لـَوح ٍمَحْفـُوظ ٌ}(5)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- سورة يوسف الآية 108                     (2)- سورة الأحزاب الآية 45 – 46

(3)- سورة الشعراء الآية 193 -194     (4)- سورة المائدة الآية 67

(5)- سورة البروج الآية21- 22

 

5 الجمهور المتلقي :وهُوَ الإنسانُ ،كـُلُّ الإنسان ِجُمْلـَة ً،لقوله تعالى:{وَمَا أرْسَلـْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَة ًللعَالـَمِينَ}(1).

مِن مَشَاهِدِ الإعلامِ في القُرآن ِالكَريم:القـُرآنُ الكريمُ في حـَدِّ ذاتـِهِ وسيلة ُتبليغ ٍللنـَّاس جميعاً ،فهو المعجزةُ الخالدة ُالتي تُعـَلـِّمُهُم وتـُذَكـِّرُهُم دائماً  ،وهو يَحوي صوراً إعلامية ًعديدةً ،تدعو إلى توحيد الله وتِبْيان ِآلائِهِ ،كما يتضمَّنُ التـَّبشيرَ والإنـْذارَ وأخبارَ الأنبياءِ و الرُّسل عليهم صلوات الله وسلامه، وغيرُ ذلك من المقاصِدِ التي تـَضَمَّنـَها الذكرُ الحكيم ُ، وبالجملةِ ،فهي تـَصُبُّ في خانةِ الإبْلاغ ِو الإعْلامِ بهذا الدِّين ِالقـَويم ِو تـَعـَاليمـِهِ .

1 قصَّةُ الهُدهُد: في القرآن الكريم يقول الله تعالى على لسان هُدْهُدِ سليمان عليه   السلام:{...أَحَطـْتُ بـِما لـَمْ تـُحِطْ بـِهِ وَجـِئـْتـُكَ مِنْ سَبَإ ٍبـِنـَبَإ ٍيـَقـِين ٍ}(2) و المُتـَتـَبِّعُ لهذه الآية يرى أن فيها أَبْلـَغَ المَناحي الإعلاميـَّةالتي ينبغي توافـُرُها في العمليـَّةِ الإعلامِيَّةِ،وهو ظاهرٌ من حاجةِ الكلام ِالإعلاميِّ إلى أن تكونَ المعلوماتُ شافية ًوكافية ً،وهذاما تؤكـِّدُهُ لفظـَة (أحَطتُ) ،ثـُمَّ حـَدَاثـَة ُالمعلومةِ و جِدَّتُها تجعلُ لها القيمة َالأكبرَ ،فيما يُسمَّى في مصطلحات الصِّحافةِ بالسَّبق ِالصِّحَفِيِّ، وهذا ما تحكيه لفظة ُ(بـِما لـَمْ تُحِطْ بِهِ)،ولـِنـَقـْلِ الخبر في موعده المُحَدَّدِ وبالسُّرعة الكافية ،كان لابدَّ من (وَجِئْتُكَ)،ففيها استشعارُ تَـَعَبِ جالـِبِ الخَبـَر وناقـِلِهِ ،وليُؤَكـِّدَ على أنَّ بُعْدَ المكان لم يَكـُن حاجزاً بينَهُ وبينَ أنْ ينقـُلَ الحقيقة َمن مصدرها الأصلي ومَظَانِّها قال (مِنْ سَبَإ)،ولأنَّ طبيعة َالكلام ِإعلامياً يَجـِبُ أنْ يَصْدُرَ للقـُرَّاءِ بخبرٍ مُحَرَّرٍ صِحفيـًّا، ليكونَ أداة َالتـَّواصُل معهم قال(بنبإ)،ومعيارُ قبول ِالأخبارِ من نَـقــَلــَتـِهاأن يكونواْ صادقينَ لم يُـعـْهد عليهمُ الكذبُ،فلذا رأيناهُ قال (يقين)ليطمئنَّ السامعُ أو القارئُ ،فيأخُذ َالأمرَ على مَحْمَلِ الإرتياح ِللخبر الوارد.

فهذه أمورٌ جَمَعَتْ مبادئَ الإعلامِ من خلال القرآن الكريم ،وكانَ مِنْ حَقّ ٍأنَّ من قِيلـَتْ على لسانِهِ ،وهو هُدْهُدُ سليمان ،أن يكون َمن أوائلِ العاملينَ في مصلحة البريد في التاريخ .

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- سورة الأنبياء الآية 107

(2) سورة النمل الآية22

يُمَثـِّلُ عملُ الهُدهُدِ ما يُمْكـِنُ أن نُسَمِّيهِ السَّبقَ الصِّحَفيَّ، إذْ أنَّ الجُنودَ المُسَخَّرينَ لـِجـَلـْبِ الأخبارِ ونَقـْلِها لسيِّدنا سُليمان، بل هُو نفسُهُ لم يكونواْ على علمٍ بالخبر الذي كان الهُدهُد أولَ ناقلٍ له،فـَحـَقـَّقَ بذلكَ نقطة ًفي سِجِلـِّهِ الصِّحَفِيِّ ،لـِمَا أظـْهَرَ مِن حُرقـَتـِهِ وغَيرَتِهِ على الدِّين وهما ماجَعَلـَتاهُ دائبَ الحَرَكَةِ ولو على حسابِ حَيَاتِهِ(لأُعَذ ِّبَنـَّهُ عَذاباً شَدِيدًا أَو لأذبَحَنـَّه ُأو لـَيَأتـِيَنِّي بِسُلطانٍ مُبينٍ)(1) .

ومَعَ كامِلِ الدِّقـَّةِ وكـُلِّ الأدلـَّةِ التي قـَدَّمَها الهُدهُدُ تـَصديقاً على ماقال ،إلا أنَّ سيِّدنا سليمان عليه السلام يُعَلـِّمُنا أنـَّه على الإعلاميِّ الدقيق أن لايـَقـبَـلَ الأمرَ الذي لـم يتـَأكـَّد منه تماماً إلا بعدَ أن يستريحَ ويطمئنَّ بالوسائلِ التي يراها مناسبة ً،ولذلك قال (سَنَنْظـُرُ أَصَدَقـْتَ أمْ كـُنتَ مِنَ الكَاذِبينَ)(2).

2 نَملَةُ سُليمَان :قال الله تعالى :(حَتـَّى إذا أتـَواْ على وادِالنـَّملِ قالت نـَمْلـَة ٌيا أيُّها النَّملُ ادخُلواْ مساكِنَكُم لايَحْطِمَنَّكُم سُليمانُ وجُنُودُهُ وهُمْ لايَشْعُرُونَ).(3)

يتـَّضح من خلالِ الموقف ِأنَّ الأمرَ خطيرٌ جداً ،باعتبار ما سيكون عليه الحالُ بالنسبةِ لقرية النمل،ولذلك جاءت رسالة ُالنملة التحذيريَّة ،ومَثـَّلـَت صورة ًإعلاميَّة ًراقية ًفي الإعلام التحذيريِّ لأخواتِها ،ويمكننا أن نستفيد منها بعض النقاط :

-   الخطابُ الإعلاميُّ ينبغي أن يُقدِّمَ النُّصح َالحقيقيَّ للرأي العام بما يقوِّم مساره ويَخـْدِمَ مصلحتهُ العامَّة بَعيداً عن المصلحةِ الشَّخصيةِ و الأهداف ِالمُغْرِضَةِ.

-   على الإعلاميِّ أن يكونَ مُلِمًّا بحيْثيَّات الخبر الذي ينقله ويواكبُ تطوُّراته وتداعياتهِ المختلفة ،كما هو حالُ النملةِ التي جَعَلـَها نـَقـْلـُها لهذا الخبرِ نملة ًراصدة ًلما حَولـَها من أوضاع ٍومُخْلِصَة ًلقريتها ،ساهرة ًعلى حماية ِمقوِّماتِها.

-        السرعة في نـَقـْل الخبرالهامِّ ،الذي من شأنه إنقاذ ُالآخرينَ و الحفاظ ُعلى حياتهم.

-   الإختصارُ الدقيقُ في الخبر من غير إخلالٍ بأبعادِ القضيَّةِ التي يتناولها ،بحيث يـَفـْهـَمُ الجميعُ المعنى المرادَ،ليمضي مسرعاً فاهماً في أمْرِ التـَّفاعـُلِ معها،فقد قدمت النملة ُما يمكن أن نُسمِّيهِ تصريحاً صحفياً بامتياز.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النمل الآية22

(2)- سورة النمل الآية 27       (3) سورة النمل الآية 18

 

من جهةٍ أخرى يمكن أن نقرأ تصريح النملة بصيغة أخرى:

-        "ياأيها " : استخدام أسلوب النداء لـِشـَدِّ الإنتباه واستمالةِ السَّامع .

-   "حتى إذا أتوا على واد النمل" : فيه تبيان أسباب القضية وتحديد مكان الإستهداف ومكمن الخطر.

-        "قالت نملة": وهي جهة التـَّصريح ،وقولـُها هو الخبرُ المحكيُّ.

-        "النمل" :الجهة ُ المستهدفة ُمن الخطاب.

-        "أدخلوا مساكنكم" : مضمونُ التصريح ِوصُلـْبُ الرِّسالةِ المُوجَّهَةِ لهم.

-        "لا يحطمنكم" :تعليلُ سببِ الأمر ووضْع الجهةِ المستهدفةِ في خطورةِ تداعياتِهِ .

-   "سليمان وجنوده" : الجهة ُالمُـحـَـذ َّرُ منها،مع تبيان القيادةِ المشرفةِ على الأمر،وهو ما يختزلُ طبيعة َهذه الجهة في نفوس ِالمُخاطَبينَ.

-        "وهُمْ لايشعرون" :اعتذارٌ عن القادمينَ بما قد يُوقِعُونَ من أخطارٍ ليسَ أقـَلـَّها الموت.

صُورٌ مِنَ الإعلامِ في الإسلام: يحرصُ الشـَّرع ُالإسلاميُّ على إعلان ِبعض ِالأمور في حياة ِالناس ِ،إمَّا بهدف ِالحَثِّ عليها أو التنفيرِ منها ،نذكر منها للتمثيل على ذلك:الإعلام في الحدود الشرعية ، ومن ذلك إقامة الحَد في فاحشة الزنا،قال الله تعالى :"ولـْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَة ٌمِنَ المُؤْمِنينَ "(1)،"فهي الصَّرامَة في إقامةِ الحَدِّ ،وعَدَمِ الرَّأفة ِفي أخْذِ الفاعِلـَيْن ِبجُرْمِهِما ،وعدمُ تعطيل ِالحَدِّ أو التـَّرفـُّق في إقامـَتـِه ،تراخياً في دين الله وحقـِّه ،وإقامـَتُهُ في مشهدٍ عامٍ تحضُرُهُ طائفة ٌمن المؤمنينَ،فيكونُ أوجَعَ و أوقـَعَ في نفوس ِالفاعلينَ ونفوس المشاهدين"(2).ومن ذلك أيضا إعلانُ الزواج ترغيباً في الحلال و إقامةِ الأسَرِ المسلمةِ التي تهدف إلى عِمارة الأرض ِبالأبناءِ الصَّالحينَ المُكاثِرينَ لأمَّة محمد صلى الله عليه وسلم،إضافة ً إلى إحياءِ الأعيادِ الدِّينيَّةِ والاحتفاءِ بإقامـَتِها، تذكيراً بتاريخِ المُسلمينَ و أيَّامِهـِمُ المـَشهُودة ،كي تـُؤخَذ َمنها العـِبَرُالواعِظات.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النور ، الآية 02 .

(2) في ظلال القرآن ،سيد قطب (الجزء 04 ص 2488)

في هذا السِّياق لايمكن أن نـَتلافى الجانبَ السِّيميائيَّ المتعلقَ بالمظاهر ،لما له من دلالاتٍ نافذةٍ في النفوس ،خدمة ًللدِّين و إعلاماً بشتى مناحيه،وذلك من خلال اللباس الإسلامي(قميص الرجل وعمامته،حجاب المرأة)،فالإمام – والخطيب عموما في شتى المجالات - يقنع المصلين ويؤثر فيهم بالكلام  من جهة ،و بالإشارات والهيئة و الأسلوب من جهة أخرى ،على اعتبارها عناصرَ شرح ٍتكميليةٍ تدعم الكلام وتهيِّءُ له أسباب الإقتناع والقبول في نفوس المتلقين ،ولنا القدوة الحسنة في  الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يـَلـْبَسُ الحَسَنَ ،ويُحِبُّ الطيِّبَ ،ويتلطف في الحديث إلى الناس ،حتى صارت هذه السلوكات

النبوية البسيطة ُرسولاً صامتاً يساهم في بثِّ الإرتياح عند السامعين ،وبعبارة ٍأخرى فالإمام عليه أن يوازنَ بين شقـَّينِ مهمَّين " لباسك يرفعك قبل جلوسك،وعلمك يرفعك بعد جلوسك".

بَعضُ أشكَالِ الإعلامِ الإسلامِي:

01 الإعلام المسجدي: كان مسجدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكاناً للعبادة ،ومدرسة للعلم و التفقـُّه،ومقراً للإجتماعات والندوات و اللقاءات ،فيه تُعْقَدُ ألـْويَة ُالجهادِ و الفداءِ،وفيه تُشَاوَرُ الأمة في شؤون دنياها ،وفيه تُذَكًّرُ الأمة بالله وبلقائهِ ،وتُؤْمَرُ بأن تقفَ على حدود الله سبحانه وتعالى ،فالمسلمونَ يرتبطونَ بالمساجدِ في الصَّلواتِ الخمس ِو الجُمَعِ ولاحاجة

لإستخدام الدعايةِ و الإشهار لحضورِ الناسِ إلى الخطبِ و الدروس ِالمسجديةِ وهو ما يُسَهِّلُ استقطابَ المتلقينَ للرسالةِ الإعلاميـَّة الدينيـَّةِ .

02 الأذان وسيلة إعلامية :للأذان رسائلُ متعدِّدة،تزيدُ على كونه إعلاماً للسامعين بدخولِ وقتِ الصَّلاة ِ،منها أنـَّه أداة ُإعلامٍ بوجودٍ المسلمين ،فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذاغزا بنا قوماً لم يكن يغزو بنا حتى يُصْبـِحَ ويـَنـظُر،فإن سمع أذانا كفَّ عنهم ،وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم.(1)  

زيادة على ذلك فالأذان تنبيهٌ للغافلين والوافدينَ إلى البلاد الإسلاميـَّة من غير المسلمين  بأنه لايجوز ارتكابُ المعاصي و المنكرات كما ينصُّ عليه الإسلام الذي يُذَكِّرُ بوجوده وبتعاليمه خمس مرات على الأقل في اليوم، صوناً لتشريعه ولمن يدينون به .ومن أجل ذلك كان المؤذن إعلامياً هو الآخر ،ووجب عليه أن يعتني برسالة الأذان التي يَطـُولُ بها عنقه يوم القيامة فيغدو مميزًا بين الأشهاد،تماما كما يعلو أذانه رؤوسَهُم وبناياتهم في الدنيا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)صحيح البخاري(1/125) كتاب الأذان باب مايحقن بالأذان من الدماء.

03 المآذن و الصوامع : هي الأخرى تـُؤدِّي نفسَ دورِ الأذان في الإشارة السيميائيـَّة إلى أنَّ البلدَ مُسلمٌ ،لتكتملَ التوافـُقـِيـَّة ُبين الأذان و المِئـْذنةِ في تحقيق ِنفس ِالهدفِ ،بالجَمْعِ بين الصوتِ و الصُّورةِ ،وهذا من تـَمامِ الخطاب ِالإعلاميِّ بتَعَدُّدِ الرَّسائل.

04 الإمام وسيلة ٌإعلامية ٌرئيسَة ٌ:لاينبغي للإمام أنْ ينسى كـَونَهُ يؤدِّي دوراً إعلامياً مهماً ،من خلال الخُطـَبِ و الدُّروس ِ،و هو الجانبُ النظريُّ التـَّحسيسيُّ ،وحتى على مستوى الجانب ِالسـُّلوكيِّ المُتعـَلـِّق ِبالمُعاملات ِ،بل إنَّ صفاتِ الخطيب ِالناجح ِعندَ العَربِ ،والتي زاد عليها المتأخِّرونَ تسمية َأساليبِ التأثيرِ في الناس ِوجَلـْبِهِم ،تأخـُذُ الجانبَ السِّيميائيَّ المَظهريَّ بعين ِالإعتبارِ ،كاللباس ِو النظافةِ و العِطرِ، وانتهاءً إلى النـُّصح ِبعدم العَبَث باللحيةِ أو حَكِّ الأنفِ مثلاً ،أو اِجْتراح ِأيِّ حركةٍ تشوِّشُ الرِّسالة َالإعلاميَّة َالتي ينتبهُ إليها المُصَلـُّونَ ،خاصة ًو أنَّ الشـَّرع َأوصى بضرورةِ الإنتباهِ لرسالةِ الإمام ِفي الجمعةِ خاصة ًوالإنصات ِلها ،وعَدَمِ التكلـُّمِ أثناءَها حتى لوكان بنُصْحِ الآخرين بالسـُّكوت ،لما يؤدِّي ذلك من لـَغـْوٍ وإفسادٍ وتشويشٍ للرِّسالةِ التي تتأثـَّرُ إذا مُسَّ بالسـُّوءِ أَحَدُ أركانها، فكيف إذا كان الإمامَ ،وهو أعلى نقطةٍ في هذا الهَرَمِ ،الذي يُفِيضُ على الحاضرين فــُيُوضاتِ المعرفة ِالدينيـَّةِ والتـَّذكيرِ بالله تعالى.

05 القنواتُ الإعلاميَّة ُالدِّينيَّة ُ:برزت إلى السَّاحةِ الإعلاميـَّةِ في السـَّنواتِ الأخيرةِ قنواتٌ فضائيـَّة ٌعديدة ٌ،تـَتـَّخِذُ الخَطـَّ الدينيَّ منهجاً لها ،وتعملُ على بَثِّ روح التديُّنِ في النفوس ِ،و الدَّعوةِ إلى عودةِ المسلمين َإلى تعاليم ِدينِهِم ،وللردِّ على الشُّبُهاتِ التي تـُرَوَّجُ عن الإسلام ِِ،ولتِبيان ِسَمَاحَته وشُمُوليـَّتِهِ ،وحُلـُولـِهِ الناجِعَةِ للإنسانيـَّة جميعاً. هذه ِالقنواتُ تعمَلُ جنـْباً إلى جَنـْبٍ مع الإذاعاتِ و المجلات ِو الجرائد ِالإسلاميـَّةِ على تحقيق ِرسالةٍ إعلاميَّةٍ هادفة ٍ،بعيداً عن ضوضاءِ المفاهيم ِالمُختلطة ِالتي تـَنـشـُطُ في إطار ما يسمَّى بالفوضى الخَلاَّقـة ،رُغم قلة الدَّعمِ الماديِّ لكثير ٍمن هذه ِالقنواتِ التي تـُعاني شُحاًّ وتجفيفاً لمَنابعِها الماليـَّةِ ،في سياق تضييق ِالخِناق ِعليها ،على حساب ِقنوات ِالأغاني  مثلا ،التي تـُحَقـِّقُ من إشهاراتها في ساعاتٍ قليلة ٍما يكفي لتمويل قناة ٍدينيَّةٍ لمدَّة شهر ٍأو يزيد.

 لااختلافَ على أنَّ هذهِ القنوات ِوجميعَ الوسائل ِالإعلاميـَّةِ المُسخَّرةِ لخدمة الدِّين ِو التعريف به ،تجتهدُ في تبليغ ِرسالتِهِ إلى الناس كافة ً،لكن هل تكفي لوحدها؟ وهل يمكن أن نستغني عن الأسلوبِ الأول في الإعلام الإسلاميِّ ،الذي ينطلقُ من خُطبَةِ المسجِدِ ،باعتباره الحاضنة َالأساسيـَّة للدِّين والمَنارة َالتي تـشِعُّ منها أنوارُ الهدايةِ؟ طبعاً سيُحيلُ زُخرُفُ التطوُّرِ و الحَداثةِ بعضنا إلى التمسُّك بالعصرنة، لِما لها من إيجابياتٍ في سرعةِ التبليغِ واتـِّساع ِدائرةِ المُخاطَبـِينَ ،لكن هذا لا يُلغي إيجابيـَّةَ الخِطاب ِالمسجِديِّ ،الذي يَعتَمِدُ مبدأَ الإنطلاقِ من الدَّاخِلِ.     

العَلاقَةُ بَينَ الإسلامِ و الإعلام:

العلاقة ُبين الإسلام ِو الإعلامِ جِدُّ وثيقة ٍ، لأنَّه دينُ الإنسانيـَّة كافة،ًولأن َّدعوَتـَهُ لم تـَقـتـَصِر على فئةٍ دون أخرى،ومن أجل ِذلك ،كان الإعلام ُفي الإسلام ِنظيفاً شريفاً واضحَ القَصْدِ،عنوانُه الصِّدقُ، وغايتـُهُ وسِلاحُهُ الحقُّ ،يَهدي للتي هي أقومُ،وكانت له جملة ُوظائفَ ساميةٍ ،لعلَّ من أهمِّها و أجْلاها:

-   التعبيرُ عن رسالةِ الإسلام ِو تاريخِهِ ،ونـَقـلـُها من جيلٍ إلى جيلٍ ،باستخدام وسائلِ الإعلامِ المناسبةِ.

-   تزويدُ العالمينَ جميعاً بالإعلامِ الصَّادقِ الموثـُوقِ ،والرَّأي ِالسَّديدِ ،والحَقائِقِ الثابتة سواءٌ داخلَ ديار ِالإسلام ِأو خارجَها.

-        إنذار ُالشُّعوبِ بما يُحيطُ بها من أخطارِ الإباحيـَّة و الماديـَّةِ و الإستعماروالمبادئ الهدَّامةِ .

-   تقديمُ الحلول ِالإسلاميـَّةِ العمليـَّةِ التي تـَنـْتـَظِمُ بها حياةُ الأفرادِ و الجماعاتِ والإنسانية جمعاءَ و إقناع الرأي العام ِّبذلك ،تحقيقاً لمبدإِ الإصلاح ِفي الأرض ِ.

-   دفعُ النـَّاس ِإلى المـُثـُلِ العـُليا،ولإقناعِهِم بالعودةِ إلى تعاليم الدِّينِ القـَويم ِ،ودَعوَةِ غيرِ المسلمينَ إلى الإسلامِ بالحكمةِوالمَوعظة ِالحسنةِ والجدالِ بالتي هي أحسنُ ،وهذا أمرٌ يوفـِّرُهُ الإعلامُ الهادِفُ الذي يعتمدُ الحوارَ الهادئ َالبنـَّاء.

-        الترفيهُ بماهو مشروعٌ ويحقـِّقُ الإفادة َو إذ ْكاءَ روحِ الإلتزام.(1)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)- الخبر الصحفي في منهج الإعلام الإسلامي،عبد الله بدران،ص 101

و الحاصِلُ ،أنـَّهُ ينبغي أن تـُستـَثمَرَجميعُ وسائل ِالتـَّبليغ ِ،لما تـُوفـِّرُ وسائلُ الإتـِّصال ِالحديثة من اتـِّساع ٍفي دائرةِ المُخَاطَبين َوسُرعَةٍ في تبليغِهِم ،خاصة ًإذاكان هؤلاء ِالمُتلقـِّينَ يتعاملونَ مع هذه الوسائلِ تعامُلاً يومياً اعتيادياً ،فإذا سلـَّمْنا بمبدإ:خاطبواْ الناسَ على قـَدْرِعقولِهـِم ومستوياتِهم المَعرفية ،فإنـَّهُ من اللـِّزامِ أن نَجْنَحَ إلى الوسائل ِالحديثة ِ،مادامت لغة ًمفهومة لدى الأغلب ِالأعَمِّ ،وسِمَة ًحياتيـَّة ًبارزة ًعندهم .

وسائلُ الإتـِّصال واَنفِتَاحُ الأفـُقِ الإعلاميِّ: تعدَّدت وسائلُ الإعلامِ و الإتـِّصال ،وتعدَّدت معها صُورُ استغلالها حتى صارت تشتهرُ بأنـَّها "سلاح ٌذوحدَّين" ،وسنركـِّزُالحديث َعلى أهمِّ الوسائل ِالتي تـلـقـى الإقبالَ وتـُحقـِّقُ التأثيرَ في المُتلقـِّينَ ، بما يَعْتـَوِرُ ذلك من سلبياتٍ وَجَبَ التـَّنبيهُ إلى خَطَرها المـُلـتَحِفِ في عَباءَة البَراءَةِ و الأهدافِ السَّاميةِ والإحترافيةِ المكذوبَةِ.

01 التلفزيون : بما أنـَّنا نعيشُ زَمَنَ العَولمَة ِوالقـَريةِ الكونيـَّةِ الواحِدةِ وعَصرَ الفضاءات المفتوحةِ ،فقد أصبحَ للكلمةِ ( المرئية ) تأثيرُها المُباشـَرُعلى المجتمعِ من خلالِ ما يُعرَضُ وما يـُشاهَدُ ، حيثُ أصبَحَ ( التلفزيون ) والصِّحافة ُالالكترونيـَّة ُيكتسحان ِكلَّ وسائل الإعلام الأخرى ،وبهذا الإتجاهِ أحْدَثـَت الفضائياتُ العربيـَّة وما تزالُ انقلاباً حقيقياً في المفاهيم بات معها المستقبلُ مفتوحاًعلى تحدياتٍ كثيرةٍ وكبيرةٍ ، ومع تطوُّر تكنولوجيا العلوم، وعلوم الإعلام والإتصال ،أصبحت الصورة التلفزيونيةهي سيدة التعبيرومالكة النظروالسمع والانتباه والفكر الواعي واللاواعـــــي.

تمتلكُ وسائلُ الإعلام ، خاصة ًالتلفزيون ،إمكاناتٍ مهمة ًتستطيعُ من خلالها التأثيرَ على الجمهور المتلقـِّي ، فهي تستطيعُ تكوينَ قناعاتٍ جديدةٍ وتـَفـْنيدَ أخرى قائمةٍ ، وإضفاءَ الشرعيـَّةِ على أمرما ،من خلال الإقناع ِوحَشـْدِ الطاقات ِباتـِّجاهِهِ ، كما أنَّ هذهِ الوسائلَ تستطيعُ أن تخلق نوعاً معيناً من الجمهور يُؤمنُ بما تطرَحُهُ ،حتى وإن كان يخالفُ قناعاتـِهِ حيث أنَّ الاتـِّساقَ بينَ ما يـُطرَحُ وتكرَارُهُ يُرسِّخان الفكرة َالمطروحَة َويَجْعَلانِها مقبولةً للتـَّصديق ِوالايمان بها من قـِبَلِ الجُمهور المُستهدف. لقد أصبحَ التلفزيون ُفي أحيانٍ كثيرةٍ عاملاً مساعداً في صُنع الأحداثِ ،وفي أحيان ٍكثيرة ٍمُشاركاً فيها، والجُمهورُ المتلقـِّي قد لا يُصغي إلى أيِّ وسيلةٍ إعلاميـَّةٍ أخرى إذا كان ما تقوله مخالفاً لما تقوله الصُّورة ، إذ ْأنَّ الصُّورَة َيُمكِنُ أن تـَقولَ ما تعجَزُ عنهُ الكلمات .

 

02 الإعلام الآلي :ثورة ٌهائلة ٌفي مَجال المعلوماتيـَّةِ ،ونـَقـْلـَة ًنوعيـَّة ًفي إطارتحدِّي الآلة الذكيـَّة ِلشتـَّى مَنَاحي الحياة،حيثُ صارَاليومَ مُسَيِّرًاومُنَظـِّماً لمُختلف العَملياتِ في عديدِ المِهن ِالتي اختصرتِ السُّرعَة َو الدِّقـَّةوالفعاليـَّة في الأداءِ من خلال التـَّعامُل بهذا الجهاز العجيب ِ، الذي صارت المعرفـَة ُبخباياهُ، أو مُجَرَّدُ التعامُل ِمعهُ شهادة ًمقبولة ًتـُنجي صاحبَها من بَراثـِن ِالأميـَّة التي صارت تـُقاسُ في القرن الحادي والعشرين بهذه المعرفة ، متجاوزة ًمعرفة َالقراءة ِو الكتابةِ ،التي صارت تقليدية ً مُتـَجـَاوَزَة ً.

بَقِيَ أن نُـشـيـرَإلـى أنَّ الإعلامَ الآليَّ صاريـُـسـَهّـِلُ عمـليـة َالبـحـث و تـحـضـيـر الــدروس و المحاضرات بالنسبة للإمام بشكلٍ سريع ٍيوفـِّرُ عليه عناءَ تقليب ِالكـُتب لساعاتٍ ،وذلك من خلال الموسوعات ِوالبرامج ِالإسلاميَّة التي تُساهِم في إثراءمعلوماتهِ وتوسيع ِدائرة ِمَعارفِهِ بشتـَّى مناحي الحياة التي قد يسْتفـتـيـهِ فيها المُصلـُّون ،وكذا في تيْسِيرِ عمليةِ البحث ِعن الشَّواهِدِ و الأدلة من القرآن ِو الأحاديث ِالنبويَّةِ و الشِّعر و الحكمة ِوالمأثور ِمن قصص الأولين وسِيَرِهِم، وكُلِّ ما من شأنِهِ تدعيمُ حُجَّةِ الخطابِ في ما يُحّضِّرُ الإمامُ لإلقائِهِ ،حتى أنَّ البرامجَ الإسلاميَّة َالمُستَحدَثة َصارت اليومَ تـَشمَلُ حسابَ المَواريثِ ،الذي أصبح َاليومَ منَ المُمكِن ِأن يفهَمَهُ الإمامُ بطريقةٍ سهلةٍ بعيدًا عن الحساباتِ الرِّياضية التي قد يَتـَخَوَّفـُها.

03 الأنترنيت : عالمٌ فسيحُ الأرجاءِ ،واسعُ العلوم والمُتواصِلينَ عبرَهُ من شتـَّى بقاع العالم ،يَضُمُّ بينَ جَنَبَاتِهِ علوماً كثيرة ً،يُمكِنُِ للإمام أن يستفيدَ منها في مَسارِهِ الدَّعويِّ إلى الله من خلالِ المواقع ِالإسلاميَّةِ التي تتوفـَّرُ عليها الشبكة ُ،والمعرفةِ بالشـُّبُهاتِ و الأباطيلِ التي تـُروَّجُ عن الإسلامِ ،وأقـَلُّ شيءٍ أن يكونَ الإمامُ مُطـَّلٍعاً على هذا العالـَمِ ليَسْهُلَ عليهِ تبيانُ الجانِبِ السيِّء فيهِ ،صوناً للأخلاق ِوتنبيهاً للأخطارِ المُحدِقةِ بالتربية ِالإسلاميَّةِ السويَّةِ من جَرَّاءِ سُوءِ استخدامِهِ ،خاصَّة ًمن طَرَفِ الأطفال ِ،الذين لايُدركُون َحجم الرَّسائل ِالتي تـُمَرَّرُ عبرَ هذا الفضاء.

ما يجبُ التَّنبيهُ إليهِ: من الواجبِ على الإمامِ أن يُواكِبَ مُعطياتِ عَصرهِ ومُستجدَّاتِه مهما كان نوعُها ،كي يَسهُل َعليهِ توجيهُ الناس إلى مَنافِعِها وتحذيرُهُم من مَضارِّها ،فإذا كان الإمامُ مِمَّن يَقِفـُونَ مَوقـِفَ الضِّدِّ لهذه المجالات ِالإعلاميَّةِ، خاصة ًبما تـَبُثُّ من سُمُومٍ هَدَّامَةٍ دون أن يَطـَّلـِعَ على خَباياها ،بِحُجَّةِ الإلتزام ِو التـَّورُّعِ عن مواطِنِ الفَسادِ ، فإنَّ تأثيرَ خطابِهِ الذي يُميزهُ الهُجُومُ عليها وذمُّها، قد يكونُ باهتاً وغيرَ مُجْدٍ ،من باب أنَّ مُتلقـِّي الخطابِ  قد يكونُ مِمَّن يَعرفونَ الجانبَ الإيجابيَّ فيها، ويحسُّ بأنـَّهُ في موضِع ِاتـِّهام ٍوشُبهَةٍ باطلةٍ لمُجرَّدِ أنَّهُ يُشاهِدُ التلفازَ أو يتصفـَّحُ مواقعَ في الأنترنيت،ولذا وَجَبَ على الإمامِ أن يـتـَّبـِعَ أسلوب:(هذا الأمر فيه مناح جيدة ،مثل كذا وكذا ،لكن ....)بطريقة ِالإستمالة ِبمدح ِالشيءِ ثم تبيان عيوبـِه،وبالمُختصَر،فإن الإعلام يُعَرَّفُ عند َكثيرينَ بأنَّهُ سلاح ٌذو حَدَّين ِ،ومن الطبيعيِّ أن يكونَ أحَدُهُما إيجابياً وآخرُ سلبياً ، وعليه ،يتوجَّبُ أن نعملَ على الجانِبِ الخـيِّر الذي يُحـَقـِّقُ رضوان الله تعالى،ومُسايَرَة َمُعطياتِ العَصرِ الذي نَعيشـُهُ .

كَيفَ يؤُثِّرُ الإعلامُ في المُتَلَقِّي ؟: تعتمدُ وسائلُ الإعلام العالمية ُاليومَ سياستين في غاية الخطورة لترويج إيديولوجياتها وهما:

1- عدم التصريح: حيثُ يدَّعي الإعلاميُّونَ في كلِّ وسائلِ الإعلام ِتقريباً الحياديـَّة َ،مع تفاوتٍ بسيط ٍإزاءَ بعض ِالقضايا الحسَّاسة، وهي دعوى لا يُمكِنُ أن تـُقنـِعَ أحداً من العُقلاء، ولكن المشكلة َالحقيقيـَّة َهي في عدَم وضوح الرِّسالةِ التي يـَتـِمُّ تحميلـُها للموادِّ الإعلامية، فعندما يتعَمَّدُ الإعلاميُّونَ بثَّ نشرةِ الأخبارِ من استديوهاتٍ باذخةٍ وبتقنيات ٍمُكـْلـِفَةٍ، مع اهتمامٍ كبيرٍ بمظهرِ المُذيع أو المذيعة ِوطريقةِ الإلقاءِ، ثم إِتـْباع ِالخبر بتحقيقٍ مُصوَّرٍ واتـِّصال ٍهاتفيٍّ مع أحَدِ المُختصِّينَ، و كل ذلك يَهدِفُ إلى إيجادِ نوع ٍمن الارتياح ِلدى المُشاهد بكفاءَة القناةِ والقائمينَ عليها، دونَ الانتباهِ إلى أنَّ التحقيقَ لم يتعرَّض لكلِّ وجْهاتِ النظر، وأنَّ الخبرَ قد تمَّت صياغـَتـُهُ بطريقةٍ مُفبركةٍ، وأنَّ الضَّيفَ الذي تـَمَّ الاتصالُ به لم يَطرح إلا وجهَة نظره الخاصة،والتي قد تـتـَّفِـقُ مع رأي القناة ،حتى لو خالفها المُتـَلقـُّون.

2- التكرار: من الثابت في التاريخ أن َّدُعاة َالأهواءِ لا يَمَلـُّون، بينما تـَضعُفُ هِمَمُ الشرفاء والمناضلين في سبيل الحقيقة قبل بلوغ الهدف ،(جـَلـَدُ الفاجر،وعَجْزُالثقة)، ولعلَّ الإعلامَ اليومَ يـُقـَدِّمُ مثالا واضحاً على هذا الصِّراع. فقد أثبتت إحدى الدراسات أنَّ تكرارَ عَرض أحَدِ النُّجوم ِفي فيلم سينمائيٍّ وهو يُدخـِّنُ لأربع ِمرَّاتٍ ،كفيلٌ بزَرْع ِهذه العادة في نفوسِ مُعجَبيهِ! لذا ،فإنَّ تكرارعرض هذه الأفلام ِأو البرامجِ أو التغطيات ِالإخباريةِ الموجَّهةِ قد يؤدِّي مع مرورالوقت إلى تغييرٍ كبير ٍفي الرَّأي العامِّ العربيِّ، إذ ْباتَ من الواضح اتـِّساعُ القاعدة ِالشعبيـَّة المُتأثـِّرة بهذهِ الثقافةِ، ولا يقتصرُالأمرُطبعاً على الإباحيةِ والانحلال التي قد تشكلُ بوابة ًنفسية ًللدخول إلى القناعات، بل يَمتـَدُّ إلى العَبَثِ بالمُرتـَكـَزاتِ الأساسية للفرد وطريـقـتِهِ في اتـِّخاذِ مواقفهِ تجاهَ الكثيرِ من القضايا، خصوصاً عندما يَغيبُ الصَّوتُ الآخَرُ المُخالف، أو يكونُ ضعيفاً وغيرَقادرٍعلى المـُنافسَةِ والإقناع،رغم أن القنوات الفضائية تكرر شعاراتٍ من مثل:الرأي و الرأي الآخر،الحياد والمصداقية ،وغيرُ ذلك من الشعارات التي تـُوهِمُ المُتلقي وتـُقـنِعُهُ بتكرارها الدائم .

من جهةٍ أخرى يمكننا أن نـُجمل بعض الآثار السلبيـَّةِ لوسائل الإعلام اليوم في بعض النقاط

1 الخطرالعقدي:وذلك من خلال مُتابعةِ القنوات ِالتي تـُعنَى بالأبراج وقراءةِ الطـَّالع ِ،وكذا السِّحروالشعوذة،فقبل سنواتٍ قليلةٍ كانت تـُبَثُّ على قمر النايلسات قناتان من هذا النوع،قناة بروزوقناة شهرزاد بأموال أهله،إضافة إلى العمل على تشويه بعض مفاهيم الإسلام ،كالجهاد ،الذي صار مرتبطا بالإرهاب ،وصارت بعض القنوات تصفُ الشهيدَ الفلسطينيَّ الذي تغتالـُهُ الأيادي الإسرائيلية بالقتيل فقط،ثم تبرِّرُهذه القنواتُ موقـِفَها بالحياد وعَدَم المَيل إلى أيِّ دينٍ على حساب ِالآخر،كي لاتـُتـَّهَمَ بأنَّها تـُناصِرُ الإسلامَ ،المتهمَ بالإرهاب ،حتى لوكانت في ديارهِ وتـُمَوَّلُ بأموال أهله ،فحتى على مستوى الكلمة والمصطلح تدور الحرب العـَقـَديَّة ُفي وسائل الإعلام.

2 : التسطيحُ الفكريُّ: وذلك من خلال الكـَمِّ الهائل السَّخيف ِالذي يـُقـَدَّمُ من برامجَ منوعة ليس لها من ذوق ٍأو طعم ٍفكريٍّ أو ثقافي ، إنـَّماهَمُّهاهوإشغالُ عقول الناس بالسيئ عن المُفيدِ الجاد ،وذلك من خلال ِتخصيص ِفترةِ الذروة للبثِّ في تقديمِ سَخافاتٍ إعلاميـَّةٍ لاتـَبْنِي فكرًا جادًا،بل تسعى إلى تـَعمِيمِ السَّخافةِ في قالبٍ فكاهيٍّ فيه من تـَسْطِيح ِعَقليَّةِ المُشاهِدِ وكأنَّ أهَمَّ ما يـُقـَدَّمُ هوالضَّحِكُ أوالسُّخف،وخيرُمثال على ذلك فترة ُمابَعْدَ الإفطارِ في شهر رمضان ،في زمنٍ نحن بحاجةٍ إلى أن نُركزعلى قضايا الأمة المصيرية ونـُناقشَها بكلِّ جدِّيَّةٍ في هذا  الواقع المؤلم .

3  التأثيرُعلى العلاقة بالأسرة :من خلال شَغـْل الأوقاتِ المنـزلية في المُشاهدة لهذه القنوات  وخصوصاً إذا اَنتشرالتلفازفي كلِّ غُرفِ المنزل، فأصبحت بعضُ بيوت المسلمين أشبهَ ما تكونُ بالفنادق أو المطاعمِ المليئةِ بالشاشات والأكل فقط ،فلم يَعُد هناك وقتٌ للتواصل الأسري بينَ الأب وأبنائه ،لأنـَّك تجدُ التلفازهو المُوجِّهَ الرئيسَ حتى في وقت الأكل ،بل  أصبح لكلٍّ اهتِمامُهُ في مشاهداته وهذا ما يسبب القلق والشقاق والخلافِ ،بل تـَجِدُ أنَّ الكثيرَ قد يُلغي كثيراً من التـَّواصُل الاجتماعي بسبب إذاعةِ برامجِهِ التي يهتمُّ بها في هذا الوقت  وأصبحت هي الشـُّغلَ الشاغل له عن كثيرٍ من مسئولياته المُهمَّة وتواصله مع الأقارب والمجتمع من حوله .

4 نشْرُ ثقافة الإستهلاك : يتمُّ نَشْرُ هذه الثقافة الإستهلاكية من خلال التـَّركيزعلى الدِّعاية للمُنتجاتِ الغذائيـَّةِ و مَوادِّ التـَّجميل وغيرها لقـَتـْل رُوح الإنتاجِ عند الشعوب التي تـُوجَّهُ إليها هذه الرسائل ُ،وفي النهاية ،نَصِلُ إلى ما يُعْرَفُ بالإنهزاميَّةِ ،عندما لا تستطيعُ الشعوبُ مواجَهَة َخُصُومها وثقافـَتـِهـِمُ الهدَّامة ،بعد أن تكونَ فئة الشباب – وهي الحلقة الأهم – قد ملـَّت الحديث َعن كلِّ ما هو جدِّيٌّ وتنظـُرُ إلى كلِّ ما له علاقة ٌبثوابتها أو واقِعِها بأنـَّه تكرارٌ مُمِلٌ وكذبٌ دعائيٌّ للإنتخابات أولخداعِ العامـَّةِ .

5 من الآثارعلى الشبابِ ،قـَتـْلُ روح الغَيرة ِمن خلال الأفلام الإباحيـَّة و المختلطة التي تسقـُطُ فيها القيمُ ،والتـَّعويدِ على ارتكابِ الجريمةِ من خلال تعلـُّمِها بواسطة قنوات ِالأكشن ،إضافة إلى نـَشـْرالقدوة السيـِّئةِ في المُجتمع ،من خلال التأثـُّر بالفنانين واللاعبين ،والتشبُّه بهم في قـَصَّاتِ الشَّعرواللباس بدعوى التحرُّر ومُسايَرة العَصر.

6 للإعلام أثرٌسيءٌعلى الأطفال، من خلال الرُّسوم المتحركة التي تـُرسِّخُ الإساءة للعقيدة في غفلةٍ من الأولياء، فمثلاً ما يحصُلُ في برنامج ( ميكي ماوس ) هذا الفأرالذي يعيش في الفضاء، ويكونُ له تأثيرٌ واضحٌ على البراكين والأمطار فيستطيعُ أن يوقفَ البركان !! ويـُنـْزِلَ المطرَويوقفَ الرِّياحَ !! ويُساعدَ الآخرينَ ..فلماذا يُجْعَلُ هذا الفأرُ في السماء ؟!! ولماذا يُصَوَّرُعلى أنَّ له قوة ًفي أن يتحكَّمَ بالظواهر الأرضية ؟!! إن تلك التلميحاتِ الخبيثة  أهدافـُهاواضحة للجميع ولا تتطلب إجهادًا ذهنياً لمعرفتها،زيادة ًعلى ذلك تشويه ُصورةِ المتديـِّنين َأوالمسلمينَ عموماً ( سواء قصدوْا أو لم يقصدواْ ) ،ويـظـهـرُهذا جلياً في برنامج ( بوباي الرجل البحار)، والذي يصوِّرُ رجلينِ أحدُهُما طيِّبٌ وخلوق .. والآخرُشريرٌ .. ويصوِّرون ذلك الشريرَعلى صورة ِرجلٍ ملتحي، مُعيدينَ الكـَرَّة َفي استخدام أحَدِ رُمُوز الدِّين لدينا ألا وهي اللحية،فهُم يُصَوِّرونَ المُلتحيَ هذا بأنه شريرٌ،ومختطفٌ ،وسارقٌ   ويُحِبُّ الشرَّويقومُ بالتفجير،ويُلاحِقُ النساء،أو بمعنىً آخر( إرهابي ) فلماذا صُوِّرَ الرَّجُلُ الشرِّيرُ رجُلا ًمُلتحياً ؟ ;لماذا استـُخدِمَ رمزُالدين لدى المسلمين؟ لماذا لم يُجْعلْ ذلك الشريرُ حليقاًوالطيِّبُ ملتحياً ؟،كما أن ألعاب (البلاي ستايشن) التي يدمن عليها بعض الأطفال وحتى الكبارتتضمن إساءات واضحة للإسلام ،يحاول صانعوها تشويه صورته في أذهان الأطفال بعيدا عن رقابة الوالدين ،ومن أبرزها لعبة سوقت من النمسا و أخرى لشركة سوني ،ثم تم سحبهما من السوق بعد أن افتضح أمرهما.

سؤالٌ من الواجبِ طَرحُهُ حول الهَدفِ من إطلاق قنواتٍ فضائيةٍ لدول ٍغـربية باللغة العربية وتبث على النايلسات ليلتقطها المشاهد العربي،كقناة روسيا اليوم،وقناة الحرةالأمريكية،وقناة البي بي سي عربية ،ومجموعة أم بي سي التي ترسخ وجهة النظر الأمريكية بشكل يوحي أنها عربية ٌ خالصة ٌ،وذلك من خلال تـَحْسِين ِصُورتها في العالم العربي كَـمُخـَلـِّص ٍللعالم،و التأكيدِ على تحضُّر شَعْبِها من خلال البرامج والأفلام المترجمة إلى العربية ،والتي لاتعني المجتمعَ المُسلمَ والعربيَّ في أيِّ شيءٍ،كبرنامج (أوبرا أو الدكتور فيل)،اللذان يناقشان الخيانة الزوجية مثلاًعلى أنَّها من الحريَّةِ الشخصيةِ عندما لايرتاحُ أحدُ الزوجين إلى الآخر،أو مناقشة التعامُل مع الخليلاتِ بعيداً عن جوالزَّوجَة التي تتفهم حريَّة الزوج ،لأنها المتحضرة ُالواعية ُالتي لا تقفُ في وَجْهِ رغباتِ زوجِها واختياراته!؟فهل يستقيمُ هذاعند الرَّجُل المشرقي المعروفِ بغَيرَتِهِ وحساسيته في مثل هذه المواضيع؟طبعاً يبقى الهدف أن تـَبـُُثَّ هذهِ الأسلحة ُالناعمة ُسُمُومَها لتـُحقـِّقَ الوَهَنَ في النفوس وهذا شـرُّقادمٍ يُـنـتظَرُمنها.

بَعضُ قَضايا الإسلامِ في وَسائِلِ الإعلام: ساهَمَت وسائلُ الإعلام على اختلافِها في إثارةِ بعض ِالقضايا حول الإسلام،ممَّا أثارَجدلاً واسعاًحولهاعلى المُستوى العالمي ،لكنها بـِقـَدْرِما أقلقتِ المُسلمين َ،بقدرما ضاعَفَت من الباحثين عن حقيقة هذا الدِّينِ ،الذي يَلقى كـُلَّ هذهِ الشعبيةِ و الإنتقادِ ،وانتهى الأمرُبكثيرين إلى الدخول في الإسلام الذي تعرفواْعليهِ مذموماً في الإعلام ، فصارَعندَهُم أَجْلى من كـُلِّ الأوهام.

منَ القضايا التي أثيرَت نذكرُالرُّسومَ الكاريكاتورية وما لـَقـِيـَت من إعادةٍ للنشرِ ،سواءٌ في الصُّحُف أوفي الأنترنيت،فساهمت بنتيجةٍ عكسية ٍلما أريدَ منها في إستحداث ِمواقعَ ومنتدياتٍ تـُعَرِّفُ بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتـُبَيِّنُ سَماحَتهُ من جهةٍ ،وتـَجمَعُ شَملَ المُسلمينَ حولَ قضيـَّةِ دينِهِم من جهةٍ ،فتحَقـَّقَ بذلك التـَّواصُل بين المُسلمينَ على خلافِ ما أرادَ خُصُومُهُم ،كماساهمت وسائلُ الإعلام في نُصَرةِ القضيـَّةِ الفلسطينية وجميع القضايا العادلة التي تنصُرُالإسلامَ و المُسلمينَ في العالم،وساعد في ذلك سهولة ُالتـَّخاطـُب  بأكثرِ اللغات ِالمُنتشرةِ في العالم ، ومنها العربية ،وتوفـُّرِوسائل الإتـِّصالِ عندَ أغلبِ الناس ،ففي سنواتٍ سابقةٍ كان اَمتلاكُ جهاز راديو بسيط مُقتصراًعلى فئةٍ قليلةٍ ،بخلافِ ما اَنتهى إليه عصرُالتطوُّروالإتصالات اليوم ،حيثُ صارالفردُ يتواصَلُ مع العالم آنياً ومن بيتِهِ ،فـَجُمِعَتْ له البَسيطة ُبأجْمَعِها بين يديه ،وصارَمُشاركاً في الأحداثِ وصانعاً للمُبادراتِ ومُساهِماً في الرَّأي بَعْدَ أنْ كان َمُتلقياً تـُمْلى عليهِ وجْهاتُ النظرالمُغرضَة ُبـُكرة ًوعَـشــياً .

المُلاحَظ ُأحياناً في البَرامجِ التلفزيونيَّةِ التي تعالج بعضَ القضايا الهامَّةِ وتستضيفُ أحد الإسلاميِّين ليشاركَ في حواراتٍ مع من يُعرَفُ باستهزائِهِ بالدِّين، ويستمرُّفي الحوار مَعَهُ على الرُّغمِ من تكرار استهزائِهِ ،ومن نتائج ذلك السلبية ُإسْماعُ الناس ِهذا الاستهزاءَ العلنيَّ، وتحَوَّلَ الضيفُ الإسلاميُّ أمامَ المُشاهدين َإلى صُورةِ المتشدِّدِ الذي يتـَّهمُ غيرَهُ بالكفر، وتـَنمـِيَةِ الجُرأةِ لدى الطرفِ الآخرِعلى الاسترسالِ في استهزائِهِ ،كماأنَّ بعضَ الإسلاميـِّينَ يتعاملُ مع الأطرافِ المُخالِفةِ بمنطق ِالتصنيفِ، فهذا مُعتدلٌ وهذا متطرفٌ، ويَضَعُ الضَّيفُ نفسَهُ دائماً في خانةِ المُعتدلينَ على حسابِ باقي التياراتِ.

ماذا يَستَفِيدُ الإمام مِن وَسَائِلِ الإعلام؟: يقولُ الله تعالى:(إنَّ اللهَ لايُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأنفُسِهِم) (1)ومن الطبيعي أن يكونَ الإمامُ من أهمِّ المُغَيِّرينَ في المُجتمَع ،لِما لهُ من مكانةٍ واحترام ٍفي النفوس ِ،ينبغي لهُ أن يستثمِرَها في مامِنْ شأنِهِ أن يَدفَعَ إلى التـَّغيير الأحسَن ِ،بخطابٍ هادئ ٍفعَّال ٍ،وبذلك يكونُ مُتفاعِلاً مع قضايا مُجتمَعِهِ ومُؤثراً فيها ،كما يُمكِنُهُ أن يتـَّخَذ َجميعَ الوسائل التي من شأنِها أن تـُبـَلـِّغَ رسالـَتـَهُ وتـَعْضُدَها بالحُجَج البالغاتِ كي تـُؤتي الأثر الطيِّبَ ،وفيما يـَتـَعـَلـَّقُ بوسائلِ الإعلام ِ،فإنَّهُ من الضروري أن نـُثيرَ الإشكالَ المُتـَعلـِّقَ بنظرةِ الإمامِ إلى وسائل ِالإعلام ِ،ونتساءَلَ عن سَبَبِ القطيعَةِ التي قد تكونُ بينهُما ،أو التردُّدِ حيالَ تحقيق ِالتـَّكامُل ِبينهُما، خدمة ًلرسالةِ الدِّين ِوالدَّعوةِ إليه.

لايَخفى موقـفُ البـعـض مـن هـذه الـوسائلِ عندما يتحفـَّظونَ حيالها ،لأنَّها في نظرهم إمَّا :

-        مَدْعاةٌ إلى الفِسْق ِ،لما تـّنـشـُرُ من مُجُون ٍوانحلال .

-   الإقتناع ُبالنموذج الأول في الخطابِ الدينيِّ المُنبني على الدروس و الخطب ورفض ما سواه حتى لوكان عنصرا داعماً وظهيراً ونصيراً .

-   الإعتقادُ بأنّ التعامُلَ مع هذهِ الوسائل ِيَهُزُّ من مصداقيـَّةِ الإمام عندما يَدعُو إلى مُقاطعتها دون تبيين الجانب الإيجابي فيها ،على الأقل من باب أنها "شرٌ لابد منه" .

كـُلُّ هذه الأسباب التي ذكرناها – وغيرُها – تـَحُول ُدون َالتواصُل بين الإمامِ ووسائلِ الإعلام والإتـِّصال،وتجعـَلُ العلاقة بينهُما حَذِرَة ً،مُتوجِّسَة ً،لكنـها مع ذلك لاتـُلغي ضرورة وجودِ نقطةٍ توافـُقيَّةٍ بينهُما ،تجعـَلُ من هدف الدَّعوةِ إلى الله شيئاً مُتحقـِّقاً بتـَكامُلِهِما .

بالنظرإلى نشاطِ الدُّعاة في الفضائياتِ العربيَّةِ مثلا فإنـَّهُ قد بَرَزَ إلى السَّاحة بشكلِ لافتٍ،حتى صاربعضُهُم يـُقدِّمُ برامجَ دينية ًفي فضائياتٍ قد تـُوصَفُ بالإنحلالِ،رُغمَ الخِلافِ الدَّائِر حَول هذا ،وحُجَّتـُهُم أنَّ شُهرَة َهذه القنوات تـُوفـِّرُنسبة َمُتابَعَةٍ عاليةٍ ،وأنَّ مَهَمَّة َالدَّعوَةِ تقتضي اِتـِّباعَ كـُلِّ السـُّبُل ِ،مُستندين في ذلكَ إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لأنْ يَهدي الله بـكَ اَمرِئاً خَيرٌ لكَ مِن حُمرِ النـَّعَم".

إذا اتـَّفـَقنا أولاًعلى ضرورة تواصُل الإمامِ مع وسائل الإعلام بدَل مُقاطعـَتِها بحُجَّةِ ترويجها للكذب والإنحلال وإهدارالقيم الأخلاقية السَّامية ،وأنـَّهُ ينبغي له أن يستغلها في إطارنُصرَةِ الدِّين والدَّعوةِ إليه،وتبيينِ شتَّى مَناحِيهِ التي تـَنـْتـَظِمُ بها حياة ُالناس ،فإنـَّنا سَنجِدُ إيجابياتٍ كثيرة ً تـَتحقـَّقُ من هذا التواصُل بينهما ،وعلى سبيل المثال نذكر منها:

-        توسيعُ منظومَةِ الإستدلال ِلدى الإمام عند تحضيرِالخُطَبِ والدروس والفتاوى.

-        تحديثُ الخطابِ الدينيِّ وتجديدُهُ بعيداًعن الصُّورة النـَّمطيـَّةِ المُعتادةِ لدى الناس .

-   التعرُّفُ على الفتاوى الرائجةِ على غيرِ المذهب المالكي،والتي يتـَّخِذُها الناس ُحجـَّة على من يُعارضهم دون علمهم بالفرق بين المذاهب .

-   تبيانُ سلبياتِ مُتابعةِ القنواتِ الشيعيـَّةِ ،وقنواتِ الرُّقية ِالضَّالةِ والردِّ عليها بدعوة الناس إلى العقيدةِ الصَّحيحةِ والمنهج ِالسَّليمِ ،في ظلِّ عَدَمِ معرفتِهِم بحقيقتها الخفيـَّة ِ.

-   التعريفُ بالآثارِ السلبيـَّةِ للمُسلسلاتِ والأغاني والـبـرامـج الـمـتـفـسِّخَةِ من عُرى الدِّين و الأخلاق ،و الضَّلالاتِ التي تبثــُّها بين الناس.

-   يستطيعُ الإمامُ من خلال وسائل ِالإعلام تحقيقَ مَهَمَّةِ التحسيس والتوعيةِ ،خاصة في القضايا التي لا يـَنـْجَعُ فيها إلا حَلُّ الإرشادِ والتـَّوجيه ، كالسِّيدا مثلاً .

-   قد يعـتـقـِدُ الإمامُ بأنَّ وسائلَ الإعلام الحديثة لاتوفـِّرُ له المصداقية َالمَوجُودَةَ في أُمَّاتِ الكـُتـُبِ التي يَحُوزُها ،وهذا صحيحٌ نِسبياً،لكنـَّها تُوفـِّرُعاملَ الوقتِ وسُرعَة َالبَحث ،وهو أمرٌمطلوبٌ في عمله ،ومع ذلك فبعضُ مَواقِع الكتب تـُقـَدِّمُ صورًا منسوخَة ًللكتبِ و المخطوطاتِ النادرة لجميع الناس بصيغة PDF، ممَّا يـُتـِيحُ له ُالإطـِّلاعَ على النـُّصُوص ِالأصليـَّةِ بخُطُوطِ أصحابها ،أمَّا بالنسبةِ للمراجِع ِفيستطيعُ البحث َ(إعلامياً بالإعلام الآلي )عن ما يريدُ، ثمَّ الرجوع ُإلى الكتاب ِالأصليِّ الذي يملـِكـُه في مكتبتِهِ لتوثيق ِالمعلومةِ و تأكيدِها.

-   كلُّ هذه الأهداف لاتتـَحقـَّقُ إلابمعرفةِ الإمام بأصْل ِالدَّاءِ ،فأنْ يَعْرفَ الطبيبُ الأدْواءَ ومُواصَفاتِها ويَتعامَلَ مَعَها في المستشفى بالأجهزةِ المُتاحَةِ له،لايَعنِي تماماً أنـَّهُ مَصابٌ بها، أو أنـَّهُ علينا اَتـِّهامُهُ في صِحـَّتِهِ أو نزاهتِهِ ،والأمرُينسَحِبُ بالقياس ِتماماً على دَورِ الإمامِ في تبليغ ِرسالةِ الدِّين ِ.

إذا حقــَّقَ الإمامُ هذهِ الأمورَ وغيرَها ،فإنـَّهُ سيَجِدُ نتائجَ غيرَتلك َالتي كان يَجِدُها في العادةِ ،وأساسُها التـَّواصُلُ الجيِّدُ بينـَهُ وبين قضايا الأمَّةِ ،وتحسيس ِالنـَّاس بها، كي يُزاوِجَ لهم بين قضاياهُمُ اليوميـَّةِ من جهةٍ وقضايا أمـَّتِهِم العامَّةِ ،ليَصِيروْاعارفِينَ بها ومَسؤُولينَ حِيالها ،بعيدًاعن أنانيـَّتِهم في تـَتـَبُّعِ يوميـَّاتِهمُ البسيطِةِ،وبهذا تـعـلـُوهمَّة ُالفرد المُسلِم ِمنَ الضَّميرِالفرديِّ إلى الضَّميرالجَمْعِيِّ ،الذي يَحمِلُ هَمَّ الأمَّةِ جميعاً ،خاصة ًّفي الأوضاع والأزماتِ التي تعيشُها ،ولـِيَرُدَّ الفردُ أيضاً على جُهُودِ غيرِ المُسلمينَ بأنْ تـَتـَشـتـَّتَ جُهودُ المُسلمينَ ،وينشَغِلوْاعن بعضِهم بمشاكِل ِالحياةِ اليوميةِ أوالمُلهياتِ التي تـُحقــِّقُ عُنصُرَالغفلة.

إضافة ًإلى ذلك، فإنَّ الإمامَ عندما يستعملُ وسائلَ الإعلام ويتعاملُ مَعَها، فإنَّ خطابَهُ يكونُ مقبولاًعندَ الشبابِ ،الذينَ يعتقدونَ مُسبقاً بأنَّ الإمامَ رجلٌ مُحافِظ ٌلا يُسايـِرُ العَصرَنَة َولا يُومِقها ،فإذا خاطَبَهُم بلـُغـَةِ عصرهِم وبمَحَط ِّاِهتِمامِهم ،سَهـَّلَ اَقـتـِيادَهُم إلى الفضيلة،وتـَحـَقـَّقُ أيضاً تحسِيسُ أوليائِهِم ُالذين لا يَرَونَ في كثير ٍمنَ الحالاتِ أنَّهُم مُخطِئـُونَ في إيصال ِخدمَةِ الأنترنيت مثلا إلى أبنائِهم في البيوت ،بهدف تسهـِيلِ البُحُوثِ المدرسيَّةِ لأبنائِهم ،غافلينَ بذلكَ عمَّا يجري وراءَ ظـُهُورهِم من تـَسَيـُّبٍ أخلاقيٍّ من جَرَّاءِ عَدَم الرَّقابَةِ أو المَعرفَةِ أصلاً بـِمَكـْمَن ِالدَّاءِ و أصْل الوَباءِ.

في بعض الدُّول الإسلاميَّةِ صار الأئمة ُو الشباب يستغلون وسائلَ الإعلام في خدمَةِ الدين،لِما تـُوفـِّرُ من سُرعةٍ في التواصُل مع أكبرعددٍ من الشرائح،كإرسال ِالرَّسائِل القصيرة التي تحوي نصائحَ وتوجيهاتٍ ،أو اِستِحْداثِ مُنتدياتٍ يُشرفونَ عليها، وتـُعنى بقضايا الدين والمجتمع الراهنة ،ومن خلالها تـَتـَشكـَّلُ لديهم صورة ٌأوسع عمَّا يعيشـُهُ المجتمعُ وما يفكـِّرُ فيه أفرادُه.

بالمختصر ،فإن الحجَّة تـَلزَمُنا جميعاً في اِستعمالِ وسائل الإعلام المُتاحَةِ بين أيدينا في سبيل الدَّعوةِ إلى الله ونـَشرِالفضيلة بين الناس،على الأقل لأجل سَبَبَيْن ظاهِرَين وبُرهانَين باهِرَين ،الأول أنَّ خطابَ غيرالمُسلمينَ صار يـَتـَهَدَّدُنا في عـُقـرديارنا،بالإساءَةِ إلى الله ورسولِهِ والإسلام،ومِن ثـَمَّ وَجَبَ أن نـَرُدَّهُ بذاتِ السِّلاح ِالإعلاميِّ كي نـَحـُدَّ تأثيرَهُ،والثاني كونـُنا لم نـُساهِم في شَرَفِ إنتاج الوسائِل المُتطوِّرةِ المُتاحَةِ لنا ،فعلى الأقل علينا أن نُساهِمَ في اِستهلاكِها للمنفَعَةِ العامَّةِ مادُمنا مُصَنـَّفـِينَ في النهايةِ مع العالم المُستهلِكِ .

هذا الأمرُلا يتأتـَّى على وجهٍ صائبٍ إلا إذا أدرَكَ الإمامُ أولا ًبأنَّ خِطابَهُ الإعتياديَّ ينبغي أن يـَتـَجَدَّدَ بما يُحَقـِّقُ له التأثيرَالمنشودَ ،بما يَفرضُهُ عَصرُهُ من تطوُّراتٍ يـَتـَوجَّبُ عليه تـَفَهُّمُها ومُسايَرَتـُها ،خاصة ًإذا وجَدنا المُتلقي يُتابعُ خطاباتٍ دينية ًمختلفة ًوبأساليبَ مُشوقةٍ في الإذاعاتِ والتلفزيوناتِ،ويتأثـَّربها ،ويحفَظ ُمواعيدَها وأسماءَالشيوخ ِالذين يـُقـَدِّمُونها ،وبعدَهذاهل يُلامُ المُتلقي على الملل الذي قد يشعُرُبه في الخِطابِ المَسجديِّ أحياناً،أو على نـُفـُورهِ من المَساجدِ أصلاً؟ في بعض الحالات لايُمكنُ أن يُلام لأنـَّهُ عندما يحضُرُ إلى المسجدِ ويستمعُ إلى الإمام فإنَّ عقلهُ الباطني يُملي عليه مُفاضلة ًعفوية ًبين خطابِ التلفزيون ِوخطاب ِالإمام ،في الأسلوب ِو اللغةِ والموضوع المعالج ِ،واللباس والصوت ِوالأدلةِ المستعملةِ ،وحينها لايَجِدُ نفسَهُ إلاوقد أحَبَّ هذا و أنكـَرَ ذاك .

وَسَائِلُ الإعلام و الإتِّصال ،عِالَمٌ واحِدٌ و أصواتٌ مُتَعَدِّدَةٌ:        في خِضَمِّ الثورةالإعلامية اليوم ،والتطوُّرالحاصل في عالمِ الإتصال ِ،يتأكـَّدُ لنا أننا في قريةٍ صغيرةٍ كما صار يُوصَفُ العالمُ الفسيحُ اليوم ،عندما اَختصرت هذه الوسائلُ أرجاءَهُ في فضاءٍ ضيِّق ٍ،وأذابَت خصوصياتِهِ في بوتقةِ العَولمَةِ و نشرالحداثة و التطور،وكلـُّها شعاراتٌ ملغُومَة ٌلاتخلو من خُبثِ القصدِ ،وسُوء المُنقلبِ لمن يُؤمِنُ بها،وهي التي تعتمدُ الشِّعاراتِ البرَّاقَة َوالصِّيغَ الفضفاضَة َالمُوحِيَة َببراءَةٍ لايَعجَزُ اللبيبُ عن اِتـِّهامِها والتحذير ِمن ضلالاتِها المُغرضَةِ ،وفي النِّهايةِ نجدُ أنَّ الأصواتَ التي تـَرِدُ إلينا عبرَ وسائلِ الإعلام ِمُتعدِّدَة ٌكـَتـَعَدُّدِ المقاصِدِ التي تـُمثـِّلُ غاية َأهدافِ مُسيِّريها و الواقِفِينَ وراءَها،ومن خلال الأرقام المَهُولةِ للإقبال على وسائل الإعلام يُمكِنُ أن نقرأ َصُورَة َإعلامِنا اليومَ ،وما يـَتـَهـَدَّدُ عقيدتـَنا ومَبَادئـَنا وخُصُوصيَّاتِنا المُختلفَة َ،وبعدَها نتأكـَّدُ من ضرورة ِإسْهامِنا جميعاً في رَدِّ الخَطَرِ القادم إلينا من السَّماءِ،سماءٌ صارتِ اليومَ تـُمطـِرُ سُمُوماً ناعمة ًبخطاب ٍهادئ ٍ،وأفكار ٍهَدَّامَةٍ مَبنـِيَّةٍ على مفاهيم ِالحُرِّية الشخصيـَّةِ ،وأنَّ لـكـُلِّ شخص ٍالحق في أن يُتابعَ ما يشاء ،حتى لوكان مخالفاً للشـَّرع والعقل ِوالأعراف ِالسَّويـَّةِ ،وحقاً ،متى كان الشيطانُ يدعوالناس مباشرة ًإلى ارتكابِ المُحرَّم ِأو اِقترافِ جُرمٍ فاحش ؟فكما يدعُوهُم إلى فعلِهِ من خلال ِجعلِهم يستنتجُونَ ذلك ثم يَقـَعُون فيهِ بمُقدِّماتِهِ المُغريَةِ ،تـَدعُوهُم كثيرٌمن الوسائل الإعلاميةِ بذات ِالأسلوب ِإلى مهاوي الرذيلةِ والفسادِ بلغةٍ جماليةٍ جذابةٍ .

من جهةٍ أخرى ، وفي ذاتِ السِّياق ِ،لا يَخفَى الأثرُالسيِّءُ الذي تنشُرُهُ المَجلاتُ و الجَرائدُ ،خاصة ًتلكَ التي تـُوصَفُ بالصَّفراءِ،لِمَا لها مِن بالِغ ِالتأثيرعلى الأخلاق والِقيم ِفي أوساط الشبابِ خاصَّة،ليَظهَرَذلك في القِصَص ِالغراميَّةِ وزنا المحارمِ وطلبات ِالزواج ومتابعة الأبراج ،وغيرذلك ممَّا يَضرُّ بالعقيدة والأخلاق ،حيثُ تهدِفُ هذهِ الجَرائدُ من خلال مبدإِ التكرارالذي تحدَّثناعنهُ سابقاً على أنَّهُ أحَدُعامِليْن ِمُساهِمَين ِفي تأثير وسائل ِالإعلامِ ،إلى تعْويدِ الناس ِعلى قراءةِ هذهِ الأخباروالأحداث حتى تـَصيرَعادية ًفي حياتهم اليوميَّة،فلا يتفاجؤاْ بشابٍ يقتـُلُ أخاهُ من أجل ِمائةِ دينارٍ ،ولا بآخرَ يزني بإحدى مَحارمِهِ ،ولا بـِعاق ٍّ يضربُ أحَدَ والديهِ إذا لم يقـتـُلهُ بسببِ الزواج أوالمخدرات أوالمشاكل الإجتماعية المتعدِّدةِ.

قبلَ سنواتٍ لم نكُن نسمَعُ بمِثل ِهذهِ الكوارث ِالأخلاقيَّةِ ،وإذا حَدَث َوَوَقعَت ،فإنَّها تكونُ نادرة ًيَسْخَط ُلها الجميع ،أمَّا اليوم، فمن كثيرِ تكرارها ،فإنـَّها صارت اِعتياديَّة ً،تماماً كما أرادَ لها أصحابُ المجلات والجرائدِ أن تكون في ذهنيَّاتِ الناس،كي يَسْهُلَ اَستدراجُهُم إلى الوقوع فيها بَدَلَ الإكتفاءِ بقراءَتِها نقلا ًعن الآخرين،من بابِ أنَّها صارت وسيلة ًللتعبيرعن الرَّفضِ والمَوقِفِ المُستقلِّ ،كالإقدام على الإنتحاروغيره،وهنا يَتحَكـَّمُ الشباب المتأثـِّرُ بهذا الإعلام ِالفاسِدِ في الوالدين والأهل أجمعين ،وتـَلِدُ حينَها الأمَة ُرَبـَّتـَها حقاً.

إنَّ مُطالعَة َهذهِ الجرائد والمجلات المُفسِدَة تـُنـْبئ ُعن حالٍ مـُتـَرَدٍّ ،وعن اِنحدار ٍصارخ ٍفي سُلـَّم ِالقِيم ِالأخلاقيـَّةِ ،عندما تـَنـتـَقِلُ هذه الوسيلة ُالإعلاميَّة إلى عنصُرِ تخريبٍ بسببِ بحْثِها عن تحقيق نسبةِ المَبيعاتِ العاليةِ ،باختيارالعناوين الصَّارخةِ والصُّور الفاضِحَةِ ،حتَّى لو عَمَدَت إلى اَختِلاقِها وإعطائِها أسماءًوهْمِيَّة ًللأشخاص والمُدُن كما يحدُث ُفي غالبِ الأحيان ،والمتلقي الذي يَخُونُه وَعْيُهُ يـَنـْكـَبُّ على وجهِهِ في مُتابَعَةِ وتصديق هذا الإعلام ،الذي يـُعـْلِمُنا بتهاوي القِيَم أكثـَرَ ممَّا يستفِزُّنا لقصةٍ خليعَةٍ أو جريمةٍ شنيعةٍ ،فاعتبرواْ يا أولي الأبصار.

من أجل ذلك ،وَجَبَ على الإمام أن يُضاعِفَ من جُهدِِه ِلرَدِّ هذا الفساد المُستـَشري بين الناس ،وأن يكون َكجهازِ المَناعَة ِللجسم ،لـِيَـرُدَّ عنهم ما يـَتهَدَّدُهُم ،ويُسيءُ إلى حـيـاتِـهـم في شتـَّى

المَناحي ،فيكونَ بذلك حقاً البـَلسَمَ الشـَّافي ،والنـَّبعَ الصَّافي الذي ترتاحُ النفوسُ إلى خطابه المُتـَّزن ِالهادئ ِ، في زَحمَةِ الخِطابات ِالمُتعدِّدَة من حولهم .

الإحصاءات      

 

***إحصاءاتُ الجزائر***

حسب دراسة سابقة أجراها الدكتور إبراهيم بختي من جامعة ورقلة ، سنة 2000 م ، ونشرت في العدد الأول من مجلة الباحث سنة 2002، واعتمد فيها على استبيان شمل(200) مائتي شخص من مختلف أنحاء الجزائر، جاءت نتائج هذه الدراسة الأكاديمية على النحو التالي :

ـ استحوذ القطاع العام على نسبة 64.79%من المستخدمين للأنترنيت مقابل نسبة 35.21%مثـَّلها القطاع الخاص ،وذلك لأن الموظفين كانوا يستخدمون الأنترنيت من مكاتبهم بدل مقاهي الأنترنيت أو البيوت ،كما أن قطاع التعليم إحتل المرتبة الثانية من حيث استغلال الأنترنيت بنسبة35.21% ،منها نسبة 21.13% من الأساتذةو المستخدَمين ونسبة14.08% من الطلبة في إعداد البحوث وغيرها .

ـ خدمات الأنترنيت متعددة ،وقد تبين من خلال الإستبيان أن :9.89%للدراسة،12%

للبحث العلمي،14.83%لجلب المعلومات ،12.13%للتصفح،4.72%للسفر،5.17%

للترفيه،7.87 %للجرائد،7.64%للمحاورة،13.7 للبريد الإلكتروني،7.19%لمقارنة

الأسعار،4.49%للتحويلات المالية ،0.37% دون إجابة.

استنادا إلى الإحصاءات التي يقدمها موقع (إحصاءات الأنترنيت في العالم) فإن عدد مستخدمي الأنترنيت في الجزائر بلغ إلى غاية جويلية 2010 إلى أربعة ملايين و700 ألف مستخدم،وطبعاً تبقى هذه الأرقام تقريبية .

أما بالنسبة لولاية تمنراست ،فقد بلغ عدد المشتركين في خدمة الأنترنيت حسب مؤسسة إتصالات الجزائر إلى غاية 31 أوت 2010 :2906 مشترك،وهورقم معتبر لايمكن إغفاله عند الحديث عن انفتاح المواطن المحلي على العالم الخارجي من خلال الأنترنيت.

 

إحصاءاتُ بعض ِالقنوات ِالفضائيَّةِ : بداية ً، نـُعَرِّجُ على إحصاءٍ حول نِسَبِ البرامِج في أهمِّ القنواتِ العربيةِ ، ونقارن بين نسبة البرامج الجادَّةِ ونسب ِغيرها من البرامج المختلطةِ لنتعرَّف على ما يُبث لنا بلغتنا وبدعوى الحفاظ على الهُويـَّةِ العربيـَّةِ، من خلال دراسة مفصلة نشرت في مجلة البيان العدد 143  للكاتب عبد العزيز بن محمد بعنوان قراءات هادئة في القنوات الفضائية .

اسم القناة

البرامج الجادة

البرامج الفنية

البرامج العائلية

البرامج المنوعة

قناة دبي

68 ، 46%

96 ، 35%

93 ، 9%

31 ، 8%

قناة مصر الفضائية

16 ، 24%

95 ، 43%

125 ، 13

76 ، 18%

قناة LBC

97 ، 7%

3 ، 44%

67 ، 22%

05 ، 25%

قناة المستقبل

67 ، 7%

32 ، 42%

5 ، 28%

5 ، 21%

قناة mbc

23 ، 18%

24 ، 55%

9 ، 9%

63 ، 16%

قناة الجزيرة

57 ، 90%

59 ، 0%

59 ، 0%

23 ، 8% .

قناة الشارقة

3 ، 73%

38 ، 6%

76 ، 10%

52 ، 9%

قناة المجد

80.3%

صفر%

10.76%

9.52%

إحصاءاتُ الأنتِرنت عام 2009: مع استمرار نموِّ مُعدَّل مستخدمي الأنترنت ونمو استخدام التقنية في الشركات والمؤسّسات، أصبح من المُهمِّ مُتابعة ُالأرقام لاختيار الوسيلة الأمثل للوصول للناس. هذه الإحصاءات حسب موقع نت كرافت NetCraft..

البريد الإلكتروني :
 90 تريليون -- عدد رسائل البريد الإلكتروني المرسلة على شبكة الإنترنت .
 247 مليار -- متوسط عدد رسائل البريد الإلكتروني يوميا.

الـــمــواقـــع:
 234 مليون  وعدد من المواقع في ديسمبر 2009.

أسماء النطاقات :
 81.8 مليون -- عدد الاسماء المنتهية بـ دوت كم (com.) في نهاية عام 2009..
12.3 مليون -- عدد أسماء النطاقات المنتهية بدوت نت (net.) في نهاية

7.8   مليون - عدد الاسماء المنتهية بـ دوت أورغ (org.) في نهاية عام 2009.
 76.3 مليون -- عدد الاسماء المنتهية باسماء نطاقات ترمز لبلد ما.

مستخدمو الإنترنت :

  1.73مليار -- عدد مستخدمي الانترنت في جميع أنحاء العالم في سبتمبر 2009
 18 ٪ -- الزيادة في عدد مستخدمي الإنترنت منذ سنة 2008.
    * 738.257.230 -- عدد مستخدمي الانترنت في آسيا.
    * 418.029.796 -- عدد مستخدمي الإنترنت في أوروبا.
    * 252.908.000 -- مستخدمو الإنترنت في أمريكا الشمالية.
    * 179.031.479 -- مستخدمو الإنترنت في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
    * 67.371.700 -- عدد مستخدمي الانترنت في افريقيا.
    * 57.425.046 -- عدد مستخدمي الانترنت في الشرق الأوسط.
    * 20.970.490 -- عدد مستخدمي الانترنت في أوقيانوسيا / استراليا..
الصور:
 4 مليارات  صورة تمت استضافتها على موقع فليكر Flickr (أكتوبر 2009.
 2.5 بليون الصور المحملة لموقع فيسبوك شهرياً.
30 مليار  عدد الصور التي يتم تحميلها على فيسبوك سنويا.

 الشبكات الاجتماعية  Social Networks
 126 مليون نسمة عدد المدونات على شبكة الإنترنت.
  84٪ النسبة المئوية لمواقع الشبكة الاجتماعية التي تتواجد فـيـها الـمـرأة أكـثر من الرجل.
  27.3 مليون عدد نشر التحديثات على موقع Twitter في اليوم الواحد في عام 2009.
 57 ٪ -- نسبة المستخدمين المتواجدين في الولايات المتحدة.
 350 مليون -- مستخدمي Facebook  الفيس بوك !
50 ٪  نسبة الذين يسجلون دخولا في حسابهم على موقع الفيسبوك بشكل يومي.
 500.000 عدد التطبيقات والالعاب المستخدمة في الفيسبوك.

حسب موقع "إحصاءات العالم" المحدث آنيا بالأرقام في شتى المجالات ،فقد وصلت إحصاءاته في بعض الأموريوم22 سبتمبر 2010 الفارط  إلى أرقام يمكن من خلالها تـَبـَيـُّنَ نسبةِ المَدِّالإعلامي على حساب الكتب والمطبوعات مثلا ،ومن هذه الأرقام نأخذ مايلي :

عدد الحواسيب التي تم بيعها هذا العام

أزيد من 207 مليون جهاز كمبيوتر

عدد الجرائد الصادرة في هذا اليوم

أزيد من 325 مليون نسخة

عدد أجهزة التلفزيون التي بيعت هذا اليوم

341.675

عدد الهواتف النقالة التي بيعت اليوم

أزيد من مليوني جهاز محمول

الأموال المنفقة على ألعاب الفيديو اليوم (بالدولار الأمريكي)

أزيد من 72 مليون دولار أمريكي

عدد مستخدمي الأنترنيت في العالم

مليار و أكثر من984 مليون مستخدم

الرسائل الإلكترونية(الإيميلات) المرسلة اليوم

أزيد من 169 مليار رسالة إلكترونية

الأبحاث التي تمت عن طريق موقع قوقل

أزيد من مليار و 806 بحث

عدد الكتب الجديدة التي تم نشرها هذا العام

728.240

 

*** التوصيات ***

في النهاية ،نخلـُصُ إلى بعض التوصيات ،التي من شأن الأخذ بها أن تساهم في إرساء التكامل بين الإمام ووسائل الإتصال والإعلام ،خدمة لدين و الدعوة إليه على بصيرة ، وعلى رقعة واسعة من المخاطـَبين الذين يستهفهم الخطاب الديني .

ـ إنشاء قاعة للإعلام الآلي والأنترنيت على مستوى مديرية الشؤون الدينية ،والمراكز الثقافية التابعة لها ،بهدف فتح المجال أمام الإئمة للتواصل مع هذه الوسائل .

ـ إنشاء منتدى (وهو في الغالب مجاني) على شبكة الأنـتـرنيت للتواصل بين الـمـواطـنـيـن و الأئمة ،من خلال المجلس العلمي ،للإفتاء والتعريف بالمساجد و أعلام المنطقة وملتقياتها الدينية وكل ماله صلة بالمعطيات الدينية التي يحتاجها المواطنون،كما أنه يمكـِّن من تواصل الأئمة مع بعضهم في الشورى فيما ينفع الناس.

ـ تكوين الأئمة في مجال المعلوماتية،من خلال التعاقد مع المؤسسات التي تعنى بنشر الوعي المعلوماتي كدور الشباب و دار الثقافة وغيرها.

ـ الإعتناء بالمنشورات التحسيسية (كتب ،قصاصات،لافتات معلقة ...)التي توزع في المحاضرات والملتقيات ،والحرص على الإخراج الجيد لها على مستوى الصورة واللون والعبارة كي تكون أكثر جلبا ولفتاً للإنتباه.

ـ العمل مع وسائل الإعلام المحلية والوطنية،من خلال الإذاعات المحلية و مراسلي الجرائد الوطنية للتعريف بالقطاع ونشر الوعي الديني بين الناس.

ـ العمل على إلقاء محاضرات ولقاءات مع المواطنين حول أخطار ومحاسن وسائل الإعلام والإتصال ،بهدف ترشيد التعامل معها بحيث يتنبهون إلى المخاطر ويبادرواْ إلى خدمة الدين بها ، وتحسيسهم بالإثم الذي يجترحونه عندما يصورون الأعراس والحفلات الخاصة ويوزعون الصور وأفلام الفيديو بالهواتف النقالة والكاميرات،وكلها وسائل إتصال لكنها تهدم البيت المسلم بسبب عدم وعي الفاعل أو إصراره على الخطيئة ،عندما لايراقب الأب حقيقة القنوات التي تدخل بيته ،أو تخرج الأم إلى مناسباتها الإجتماعية وتطمئن إلى عدم خروج الأبناءإلى الشارع وهم مع التلفزيون.

ـ العمل على توزيع وبيع الأشرطة الدينية ،اتسهيل معرفة مناسك الحج و العمرة مثلا ، وأيضا لمحاولة الحد من الأشرطة المختلطة التي توزع في السوق ،والتي قد تكون مضلة .

 

  

   الخاتمة

يهدفُ الإمامُ من خلال ِدورهِ المسجديِّ إلى أن يشملَ خِطابُهُ الدينيُّ أكبرَعددٍ مُمكن ٍمن المُصلين ،كي يُساهِمَ في نـَشرِ القيمِ والتعاليم السَّاميةِ للدِّين ِالحنيفِ بين أوساط الناس ِ،ولكي يُحقـِّقَ هذا الهدفَ عليهِ أن يَستعينَ بكلِّ ما من شأنِهِ أن يـُبَلـِّغـَهُ هَدَفـَهُ ،ويُذلـِّلَ صُعوباتِ الوصول إليه ،ومن ذلكَ الإستعانة ُبوسائل ِالإعلام والإتصال ِالتي تـُقـَدِّمُ له خِدمـَتـيـْن جلـيـلـَتـيـْن،تكوينـُهُ وإثراءُ مَعارفِهِ بمايُمَكـِّنُهُ من الإلمام الجَيِّدِ بمَجَال ِاختصاصِهِ،ومُساعَدَتـُهُ في تـَبلِيغ رسالتِهِ إلى الناس مهما تباعَدَت بـِهـِمُ الأماكِن .

من جهةٍ أخرى ،على الإمام أن لاينسى أنـَّهُ من صانعي الرأي العام ،أو على الأقلِّ هكذا يـُفتـَرَضُ أن يكون ،كما هو الحال في دولٍ أخرى ،ولذلك ،عليهِ أن يستغلَّ هالة الإحترام والتقديرالتي يَحظى بها في المُجتمع ،كي يساهِمَ في دعوتِهِ إلى سُبُل الخير،وأن يستعينَ بوسائلِ الإعلام والإتصال حتى في الدَّعوةِ إلى الإسلام ،فباعتبارتمنراست ولاية ًحدودية وتضمُّ جنسياتٍ مختلفة ً،يكونُ من الأجْدَر أن ترتـَفِعَ نسبة ُالمُشْهـِرينَ لإسلامِهِم في المساجد ،وأن تـُعلِنَها وسائلُ الإعلام كماهوفي ولاياتٍ أخرى للمُساعدة على دعوةِ غيرهِم إلى الدِّينِ القيـِّم ، كما أنَّ من شأن الإمام أن يُساهِمَ من جانبـِهِ في نشرالوعي الإعلامي بأنْ يَبدَأهُ بنفسِهِ، وأن يَعمَلَ على تغيير الصُّورةِ النـَّمَطيـَّةِ التي يُصَنـِّفـُهُ فيها كثيرون َ،وهي أنَّه الشخصُ المُحافظ ُالتقليديُّ الذي يَغرَقُ بين الكـُتـُب ولا يـُفارقـُها إلى ما سِواها من مُعطياتِ الحداثةِ ،فإذا تحقـَّقَ ذلك ،يكونُ الإمام قد اِمتلك وسيلة ًناجعة ًبين يديه ،تـُساعِدُهُ في أن يشرَحَ صُدوراً كثيرةً لِهَدْي الإسلامِ ،وأن يتربَّعَ على عرش ِسُلطةٍ بالغةِ الأهميةِ ،وعظيمةِ التأثير في الرَّأي ِالعام، لا زالت إلى اليوم تـَحُوزُ الإقرارَ بأنـَّها :السـُّلطـَة ُالرَّابـِعَة.ُ

تمـَّت بِحَمْـــدِ اللهِ في يــَوم الثــــــــــلاثاء 19 شوال 1431هـ الموافــــــق لــ28سبتمبر2010

   الفهرس

العنوان

الصفحة

المقدمة

02

الإعلام لغة

03

الإعلام اصطلاحا

04

أركان الإتصال

04

بعض مظاهر الإعلام عند العرب

05

الإعلام من خلال القرآن الكريم

06

عناصر العملية الإعلامية في القرآن

06

من مشاهد الإعلام في القرآن الكريم

07

صور من الإعلام في الإسلام

09

بعض أشكال الإعلام الإسلامي

10

العلاقة بين الإسلام و الإعلام

12

وسائل الإتصال وانفتاح الأفق الإعلامي

13

كيف يؤثر الإعلام في المتلقي

15

بعض قضايا الإسلام في وسائل الإعلام

18

ماذا يستفيد الإمام من وسائل الإعلام؟

19

وسائل الإعلام و الإتصال عالم واحد وأصوات متعددة

23

الإحصاءات – إحصاءات الجزائر

25

إحصاءات بعض القنوات الفضائية

26

إحصاءات الأنترنيت لعام 2009

27

التوصيات

29

الخاتمة

31

الفهرس

32

المصادر و المراجع

33

 

المصادر و المراجع

ـ القرآن الكريم .

ـ صحيح البخاري ،تحقيق محمد بن زهير بن ناصر الناصر ،دار طوق النجاة ،الطبعة الأولى 1422 هـ .

ـ في ظلال القرآن ،سيد قطب ،الطبعة السابعة عشرة ،1412 هـ - 1992م.

ـ معجم مقاييس اللغة ،ابن فارس،تحقيق شهاب الدين أبو عمرو ،دار الفكر،الطبعةالثانية 1418هـ - 1998م.

الإعلام له تاريخه ومذاهبه،عبد اللطيف حمزة،دار الفكرالعربي،طبعة 1965م.

ـ الإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية،د محي الدين عبد الحليم ،مكتبة الخانجي،مصر 1400هـ- 1980م.

الخبر الصحفي في منهج الإعلام الإسلامي،عبد الله بدران،دار المكتبي،سوريا،الطبعة الأولى 1423هـ2002م.

ـ مواقع من الأنترنيت ،موقع إحصاءات العالم ،وموقع إحصاءات الأنترنيت في الواقع .

مُدِيريَّةُ الشُّؤُونِ الدِّينيَّةِ وَ الأوقافِ بتِمَنراسْت ،الأربعَاء27 شوال 1431هـ /06 أكتوبر 2010

مُحاضَرَةٌ بِعُنْوان :وَسَائِلُ الإِعلامِ و الإِتِّصَال وَكَيفَ يَستَفِيدُ مِنها الإِمَام{بحَثٌ في خِدْمَةِ الإسْلام بِوَسَائِلِ الإعلام}

   لـــ :عَبْدالعَزيْزقَاسْمِي