خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1434 هــ الموافق 2013م

بسم الله الرحمن الرحيم

بالجامع الكبير

التكبير سبعا

الحمدلة والاستهلال والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

الله أكبر ماصام الصائمون وأجابو أمر ربهم طائعين

الله أكبر ماقام القائمون ليالي رمضان راكعين وساجدين

الله أكبر ماقرؤوا القرآن وذكروا الله مخبتين

الله أكبر ماخرجوا في هذا اليوم السعيد مهللين ومكبرين

الله أكبر ماتزاوروا وتصافحوا وتسامحوا وأظهروا شعائر الدين

الله أكبرما أظهروا اثر نعمة الله عليهم وعلى أهليهم ووسعوا على فقراء المسلمين

الله أكبر الله أكبرالله أكبر

إخوة الإيمان

هذا يوم الجائزة يوم يطلع الله فيه على عباده وهم مستغرقون في التكبير والتحميد والتهليل فيباهي بهم ملائكته ويجازي من صام إيماناً واحتساباً خير الجزاء،فيغفر ويرحم "هو أهل التقوى وأهل المغفرة" "إنه هو البر الرحيم"

إخوة الإيمان

هاأنتم بالأمس قد أنهيتم طاعتكم وقد دامت أياماً معدودات كما أمركم مولاكم وهاأنتم اليوم تكبرون الله وتشكرونه على أن وفقكم لطاعته كما قال تعالى:"ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون"

فهنيئا لكم طاعتكم بالصيام بالأمس وهنيئا لكم طاعتكم بالفطراليوم.

قال عليه الصلاة والسلام :"للصائم فرحتان؛فرحة بفطره وفرحة عند لقاء ربه"

فلكم أن تفرحوا بطاعةربكم وامتثالكم لأمره"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"

فيسنّ للمسلم اليوم أن يظهر أثر نعمة الله عليه وإدخالُ السرور على الأهل والأحباب.

فالله أكبر ثلاثا

إخوة الإيمان

اليومَ يومُ تراحمٍ وتزاور وتسامح وتغافر ووداد،اليوم تندرس الأحقاد،وتنتهي العداوات،وتتصافح  القلوب، وتتعانق الأبدان،فيخيب حزب الشيطان.

في هذا اليوم تظهر عزة الأمة وقوتُها في هذه المشاعر الغامرة التي تعمر القلوب،قوة الأمة وعزتُها في تعانق المسلمين وتصافحهم وتآخيهم ،التي هي جزء أصيل من شعائر العيد في الإسلام،وهل يدخل العبدُ الجنةََ إلا إذاسلم قلبه من الأحقاد والبغضاء وسائر الأمراض؟

ألم يقل الله تعالى:"يوم لاينفع مال ولا بنون إلامن أتى الله بقلب سليم"؟

فلنحرص إخوة الإيمان على أن يصافح بعضنا بعضا بقلوب سليمة صافية من تلك الأكدار وأحب الناس إلى الله الذي يبد أ أخاه بالسلام."ادفع بالتي هي أحسن فإذاالذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم". فالله أكبر ثلاثا

إخوة الإيمان

انظروا إلى جمال هذا الدين وعظمته حين يجعل من مظهر الفرح والسرور في هذا اليوم شعيرةً من شعائر العيد،ثم ارجع البصر كرتين ترى عظمة هذا الدين  - تارة أخرى- وجمال شعائره حين يجعل من مظهر التعانق والتصافح والتسامح معنى من معاني العيدلا يكتمل إلا به.

وهل تتحد القلوب وتجتمع كلمة الأمة إلا إذا تصافحت القلوب والأرواح،وتسامح الناس ونبذوا العداوة والبغضاء التي تحلق الدين كما أخبر بذلك الصادق الأمين؟

وهل انتصرت الأمة في تاريخها وتغلبت على كيد المتربصين بها إلا حينما توحدت كلمتها واجتمع شملها؟

ولن تنتصر اليوم على كيد أعدائها ،وتحقق نهضتها ، إلا بتلك الوحدة وذلك التضامن.

ثم تأملوا إخوة الإيمان ماذا فعل الانقسام والتشتت في شعوبنا العربية والإسلامية اليوم،وما خلفه هذا الانقسام والتشتت من فتن واضطرابات لا يستفيد منها إلا العدو المتربص.

وليس بلدنا –حماها الله – بمنأى عن هذه التهديدات والمخاطر، لأن العدوَّ واحد والأطماعَ واحدة ،يترصد بلداننا وشعوبنا،ويتحيّن فرصةََ الانقضاض علينا."فيميلون عليكم ميلة واحدة"ولذلك أرشد الباري سبحانه فقال:"يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم".

وإذا كان بلدنا قد وقي بحمد الله تعالى شرور تلك الأخطار والمكايد فليس إلا بسبب توحد الأمة في مجموعها وانتظامها تحت قيادتها الحكيمة،وعدمِ تنازعِ الأمر بينها.

ولئن كانت الأمة-مجتمعاً ومؤسسات – قد نأت عن تلك الأخطار والفتن فلا يعني ذلك البتة ان هذه الأخطار قد انتهت وزالت.

فالله أكبر ثلاثا

إخوة الإيمان:

أخطر ما هنالك أن تتراجع الأمة؛ بعد ما ذاقت نعمة الأمن والعافية وسلكت سبيل السلامة من شر مايكاد لها ؛فتعطي أعداءها أسباب العبث بأمنها والنيل من تماسكها واستقرارها،بالتنافس غير الشريف والتنازع في الأمر والتفرق بعد اجتماع الكلمة.

واسمعوا إخوة الإيمان إلى دروس القرآن الغالية التي يسديها للأمة من درس أحد الذي مني المسلمون فيه بالهزيمة الثقيلة والانكسار بعد أن كانت الدائرة لهم،يعقِّب القرآن ويبين الخلل    " حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون "

إنهم لم يفشلوا يوم رأوا عدوهم فخافوه،ولم يفشلوا بسبب قوته وكيده،إنهم فشلوا وتنازعوا بعدما لاحت لهم ملامح الظفر والنجاة،هنالك تراجعوا وضعفوا أمام المغانم التي لاحت لأعينهم وتنافسوا على الدنيا ،قال تعالى:" منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة".

وكذلك   تنهار الحضارات وتزول الدول وتسقط المجتمعات إذا شاع فيها التنازع والتنافس المحموم على مغانمها ومناصبها .

فالله أكبر ثلاثا

إخوة الإيمان

أخطر من نتازع الأفراد تنازع مؤسسات المجتمع التي هي عماده وراعية مصالحه ومستقبله وأمنه،والمصلحة تقتضي أن تتكامل مؤسسات المجتمع لا أن تتنافس وتناقض؛ فالإعلام والاقتصاد والتربية والمسجد والثكنة والجامعة وغيرها..مؤسسات تخدم الهدف ذاته،ويكمل كل منها جهد الآخر؛هكذا تنتظم شؤون المجتمع وتثمر الجهود التي تبذل لنهضته وتنميته.

"ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم"

الله أكبر ثلاثا

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية:

التكبير خمسا

الاستهلال

إخوة الإيمان

هنالك ركنان أساسيان من أركان وحدة الأمة واستقرارها:

أولهما:انتظامها تحت قيادة واحدة رشيدة قل تعالى:" ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الآمر منكم".

ثانيهما: انتظامها في بيوت الله تحت راية العبودية لله التي تجمع الكلمة وتوحدالقلوب وترصُّ الصفوف،لقد ظلّت مساجدنا ولله الحمد طيلة هذا الشهر الكريم تجمع الجموع الغفيرة من المصلين ،وأنعم بذلك مظهرا من مظاهر الوحدة والانسجام تتجسد آثارها في واقع الحياة ان شاء الله أمنا وسكينة واطمئنانا ،هذا ماتنتجه المساجد وهذا مايجب أن تنتجه المساجد.

والجزائريون أكثر الشعوب معرفة بحقيقة اتحاد الجهود واجتماع الكلمة التي بفضلها يتنعمون اليوم بالحرية والاستقلال ،وفي الراهن ينعمون بالأمن والاستقرار ،لكن بالحفاظ على هذا السر الذي مجدته الشريعة إنه وحدة الصف واجتماع الكلمة ونبذ التفرق والتنازع الذي يفسد البلاد والعباد قال تعالى " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"

فلنحافظ على جمال الإسلام بتجسيد هذه المعاني التي هي شعائرُ تعبَّدَنا الله بها يوم العيد وسائر أيام السنة.

تكبير

اللهم تقبل منا الصيام  والقيام وصالح الأعمال ،اللهم اجمع كلمة المسلمين ووحد صفوفهم ،ولم شملهم  وجنبنا شرور الفتن ماظهر منها وما بطن، اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين وارفع الله مقتك وغضبك عنا ولاتسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولايرحمنا ..ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا منتهى سعينا.

اللهم احفظ ولي أمرنا وجمله بالصحة والعافية وافتح به وعلى يديه وأيده بروح منك ،واجعل له من لدنك ولياً واجعل له من لدنك نصيراً،وعافه من كل مكروه ياكريم.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح اللهم دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح اللهم آخرتنا التي فيها معاشنا ....

اللهم أعد علينا هذا العيد وعلى أمتنا وشعوبنا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام  تقبل الله منا ومنكم وغفر الله لنا ولكم وكل عام وانتم بألف خير.

الشيخ محمد مقاتلي